بريطانيا تستضيف قمة «تحالف الراغبين» لدعم أوكرانيا وسط تصاعد التحديات العسكرية

تستعد المملكة المتحدة الأسبوع المقبل لاستضافة اجتماع مهم لتحالف «الراغبين» – وهو تحالف فضفاض يضم أكثر من ثلاثين دولة غربية – بهدف تنسيق المواقف بشأن ضمانات أمنية طويلة الأمد لأوكرانيا، في وقت تتكثف فيه الهجمات الروسية ويتراجع الزخم الأميركي لدعم كييف عسكرياً.

القمة، المقرر عقدها على هامش القمة الفرنسية البريطانية يوم الخميس المقبل، ستشهد مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر من مقر نورثوود في بريطانيا، الذي يضم القيادة البحرية لحلف شمال الأطلسي. بينما من المنتظر أن ينضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي افتراضياً من العاصمة الإيطالية روما، حيث يحضر مؤتمراً مخصصاً لحشد الدعم الدولي لبلاده.

وقال مسؤول في قصر الإليزيه، تحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه لأسباب بروتوكولية:

«ستكون هناك قمة لتحالف الراغبين، بقيادة الرئيس ماكرون ورئيس الوزراء ستارمر. على جدول الأعمال مسألة كيفية الحفاظ على قدرة أوكرانيا على القتال، وكيفية زيادة الضغط على روسيا، ومواصلة العمل على الخطوات التالية.»

حتى الآن، لم يحدد مكتب رئيس الوزراء البريطاني أسماء القادة الآخرين الذين سيحضرون القمة شخصياً، بينما يظل احتمال مشاركة مسؤولين كبار من دول التحالف قائماً.

ضمانات أمنية في الأفق

تشكلت فكرة «تحالف الراغبين» بقيادة فرنسا والمملكة المتحدة بهدف منح أوكرانيا ضمانات أمنية واضحة في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا، لتجنب تكرار سيناريوهات الغزو أو التدخل الروسي مستقبلاً.

ورغم أن التحالف اجتمع آخر مرة في مارس الماضي، إلا أن الخلافات لا تزال قائمة حول مستوى الالتزام العسكري، خاصة مع الموقف الأميركي غير الحاسم حيال نشر قوات عسكرية غربية محتملة على الأراضي الأوكرانية لضمان الاستقرار بعد أي اتفاق سلام.

وقال المسؤول الفرنسي إن أولويات التحالف لم تتغيّر رغم التعقيدات الراهنة:

«منذ البداية، كان التركيز على تلبية الاحتياجات العسكرية الأوكرانية. هذا لم يتغيّر، حتى لو تعقّد الوضع نتيجة الحسابات الأميركية.»

تراجع الدعم الأميركي يثير القلق

ويأتي الاجتماع في وقت يزداد فيه القلق الأوروبي بسبب تراجع الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا، بعدما كشفت تقارير هذا الأسبوع عن تجميد البنتاغون شحنات صواريخ دفاع جوي كانت موعودة لكييف، خوفاً من انخفاض مخزونات الأسلحة الأميركية إلى مستويات مقلقة.

هذا القرار أثار تحذيرات من المسؤولين الأوكرانيين الذين اعتبروا أن تجميد المساعدات لن يؤدي سوى إلى تشجيع روسيا على تكثيف هجماتها. وفعلياً، كثّفت القوات الروسية مؤخراً ضرباتها الجوية ضد العاصمة كييف ومدن أوكرانية أخرى، في محاولة لكسر إرادة المقاومة الأوكرانية.

وفي ظل تعثّر الجهود التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإقناع موسكو بوقف إطلاق النار، يتحوّل التركيز الأوروبي أكثر نحو تمتين قدرات الدفاع الأوكرانية، وإيجاد ضمانات ردعية تكفل حماية أوكرانيا مستقبلاً.

إشارات سياسية مهمة

من المنتظر أن تُصدر القمة المقبلة إشارات سياسية قوية حول التزام أوروبا بمواصلة دعم أوكرانيا، خاصة بعدما أظهرت بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، استعداداً أكبر لسد الفجوة التي خلّفها تراجع الدور الأميركي.

وتُعتبر القمة اختباراً لقيادة كير ستارمر، الذي يواجه ضغوطاً داخلية وخارجية لضمان ألا تتراجع لندن عن موقعها كحليف رئيسي لكييف. في المقابل، يحرص ماكرون على ترسيخ دور فرنسا كفاعل أساسي في صياغة الأمن الأوروبي.

ومن المتوقع أن تتركز النقاشات على توفير أسلحة دفاعية متقدمة، واستدامة الدعم المالي، إضافة إلى شكل الضمانات الأمنية التي يمكن تقديمها لكييف في أي اتفاق مستقبلي مع روسيا.

في خضم التصعيد العسكري الروسي، يسعى تحالف الراغبين إلى توجيه رسالة واضحة بأن دعم أوكرانيا لا يزال ثابتاً، وأن الغرب مصمم على منع موسكو من تحقيق أي انتصار استراتيجي في الصراع الذي دخل عامه الرابع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.