وجد نواب حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف (FPÖ) أنفسهم وسط عاصفة من الانتقادات والسخرية في أوساط الرأي العام وخصومهم السياسيين، بعد أن كشفت بيانات رسمية عن تصدرهم قائمة البرلمانيين الأعلى دخلًا في البلاد، ليس فقط بفضل رواتبهم النيابية، وإنما بسبب مداخيل جانبية مربحة تثير تساؤلات حول مدى التزامهم بالصورة التي يقدمون أنفسهم بها كـ«حماة المواطن العادي».
التقرير الذي استند إلى إقرارات الدخل الإلزامية لعام 2024، أظهر أن سبعة من نواب حزب الحرية يحصلون شهريًا على أكثر من 12 ألف يورو، عدا عن رواتبهم البرلمانية البالغة نحو 10 آلاف يورو، من أنشطة مهنية أخرى مثل المحاماة، والكتابة القانونية، والإدارة التنفيذية في شركات كبرى.
هذا الكشف أثار موجة من السخرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ كتب أحد مستخدمي فيسبوك معلقًا: «هل لديهم وقت كافٍ لمثل هذه الوظائف الجانبية ذات الأجر المرتفع؟ أنا أعمل بدوام كامل وأعاني من الإرهاق».
فيما قال آخر على إنستغرام: «نُبشر بالماء ونشرب الخمر! بالتأكيد، حفلة الرجل العادي»، في إشارة ساخرة إلى شعار الحزب الذي يقدّم نفسه كصوت المواطن البسيط.
نفاق سياسي؟
خصوم الحزب السياسيون لم يفوتوا الفرصة لتوجيه سهام النقد، إذ قال نيكو ماركيتي، الأمين العام لحزب الشعب النمساوي الحاكم، إن حزب الحرية الذي يروج لنفسه كخصم لـ«النخب» ويثير نقاشات حول العدالة الاجتماعية «مدين بتفسير شفاف لمصداقيته أمام الناس».
بدوره، وصف كلاوس سيلتنهايم من الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPÖ) التقرير بأنه يكشف «نفاق القوات الزرقاء»، في إشارة إلى اللون الذي يرمز للحزب اليميني المتطرف.
أبرز الأسماء والفضائح
أعلى دخل جانبي بين نواب حزب الحرية سجله النائب أكسل كاسيجر، الذي تبين أنه مرتبط بتسعة التزامات مدفوعة الأجر، تشمل مناصب إدارية في شركتين، وعضوية في مجلس إشراف شركة الطاقة Energie Steiermark، إلى جانب نشاطات استشارية ومحاضرات مدفوعة.
الانتقادات لحزب الحرية تأتي في سياق أوسع من الشبهات والفضائح التي لاحقته خلال الأعوام الأخيرة، إذ لا يزال الحزب يحاول تجاوز تداعيات فضيحة زعيمه السابق هاينز كريستيان شتراخه، الذي يواجه اتهامات باستخدام أموال عامة لتمويل نمط حياة فاخر شمل عطلات، وحفلات خاصة، وتجديدات منزلية. شتراخه نفى تلك الاتهامات، لكنها أضرت بصورة الحزب الذي يطرح نفسه مدافعًا عن الطبقات المتوسطة والمهمشة.
امتيازات اليمين المتطرف في أوروبا
هذه التطورات تأتي بالتوازي مع موجة انتقادات مماثلة تطال أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، حيث ظهر هذا الأسبوع أن زعيمي حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، أليس فايدل وتينو شروبالا، نجحا في مضاعفة مخصصاتهما البرلمانية الشهرية، رغم انتقاداتهما المستمرة للنخبوية والإسراف السياسي.
فيما دافع حزب الحرية النمساوي عن أعضائه، معتبراً أن الهجوم عليهم محاولة لصرف الانتباه عن إخفاقات الحكومة، وأكد أن جميع مداخيل نوابه «شرعية وقانونية».
ورغم محاولات الحزب تبرير مواقفه، يبدو أن صورته كحزب «الرجل العادي» قد تعرضت لضربة قوية، بينما يترقب الناخبون ما إذا كانت هذه الفضائح ستؤثر على نفوذه المتصاعد في السياسة النمساوية.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29406