فيما تتسارع الجهود الأوروبية لتعميق روابطها بشرق القارة، تجد مولدوفا نفسها في سباق مع الزمن لنيل ضمانات قوية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وسط أزمة متصاعدة حول ملف انضمام أوكرانيا الذي يواجه معارضة شرسة من المجر.
وتأمل الحكومة المولدوفية في استغلال زيارة رفيعة المستوى الجمعة إلى العاصمة كيشيناو، يقوم بها كل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، لتأكيد دعم بروكسل لمساعيها الأوروبية، وتقديم دفعة سياسية قوية قبل انتخابات مصيرية في سبتمبر المقبل.
لكن تعقيد المشهد يتمثل في أن انضمام مولدوفا يُناقش في إطار واحد مع ملف أوكرانيا، الأمر الذي يعرقل التقدم بسبب موقف رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، المقرّب من الكرملين، والذي توعّد باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع أوكرانيا من التقدم نحو عضوية الاتحاد.
وقالت كريستينا غيراسيموف، نائبة رئيس وزراء مولدوفا والمسؤولة عن ملف التكامل الأوروبي: “أي تأخير في هذه العملية سيُفقد الاتحاد الأوروبي مصداقيته مع البلدان التي تتشارك نفس القيم وتسعى لتعزيز الديمقراطية بدلاً من إضعافها.”
وأضافت محذّرة من استغلال موسكو للمأزق الأوروبي: “نحن نُخاطر بمنح روسيا ذريعة للدعاية بأن الاتحاد الأوروبي لا يهتم بالتوسّع أو بالدول الصغيرة مثل مولدوفا. يجب أن تكون عملية التوسع قائمة على الجدارة، ونأمل في بدء المرحلة التالية قريباً.”
ورغم تمسّك كيشيناو بمصير أوكرانيا، أكدت غيراسيموف أن انضمام كييف يبقى ضرورياً لأمن القارة بأكملها.
بودابست تواصل العرقلة
أوربان، الذي حافظ على علاقات وثيقة مع موسكو حتى وسط الحرب الروسية على أوكرانيا، استند إلى استفتاء أجرته حكومته الشهر الماضي أظهر – بحسب روايته – أن 95% من المشاركين يعارضون انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
لكن المعارضة المجرية والمراقبين الدوليين قلّلوا من أهمية النتائج بسبب انخفاض نسبة المشاركة وشبهات بالتلاعب.
وتعهدت بودابست بحرمان كييف من الدعم الجماعي الذي تحتاجه لبدء محادثات الانضمام رسمياً، رغم التقدّم الكبير الذي حققته أوكرانيا على صعيد الإصلاحات السياسية والقضائية والاقتصادية وسط ظروف الحرب.
غيوم ميرسييه، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لشؤون التوسع، أكد هذا الأسبوع أن بروكسل لا تدرس خيار “فصل” المسارين بين أوكرانيا ومولدوفا للسماح للأخيرة بالمضي قدماً وحدها، موضحاً: “هذا قرار تتخذه الدول الأعضاء. نحن، من جانبنا، ندعم كلاً من مولدوفا وأوكرانيا في أجندتهما الإصلاحية.”
قمة حاسمة قبل الانتخابات
القمة الأوروبية المقررة اليوم في كيشيناو تهدف إلى توجيه رسالة سياسية قوية بأن الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب مولدوفا، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية الحاسمة في 28 سبتمبر المقبل، والتي ترى بروكسل أنها هدف مباشر لمحاولات التدخل الروسي.
وقالت مارتا كوس، مفوضة التوسيع في الاتحاد الأوروبي “نرى أن روسيا تستثمر موارد غير مسبوقة للتدخل في الانتخابات البرلمانية. موسكو تعتبر مولدوفا أداة استراتيجية لزعزعة استقرار جنوب أوكرانيا.”
وبحسب السلطات المولدوفية، شملت التدخلات الروسية عمليات تضليل إعلامي واسعة، وشراء أصوات، وأدوات حرب هجينة، خاصة خلال استفتاء أكتوبر الماضي حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والذي أقره الناخبون بفارق ضئيل بلغ 50.4%.
ورغم فوز الرئيسة مايا ساندو بولاية جديدة، إلا أن المعركة للسيطرة على البرلمان ستحدد مسار البلاد الأوروبي.
المساعدات الأوروبية والتحديات
يقدم الاتحاد الأوروبي مليارات اليوروهات لدعم مولدوفا في مواجهة التدخلات الروسية، ولتعزيز اقتصادها، وخفض تكاليف الطاقة التي أرهقت المواطنين منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
ويشير سيغفريد موريشان، النائب الروماني في البرلمان الأوروبي، إلى أن مولدوفا تواجه تحديات عملية أقل للانضمام مقارنة بأوكرانيا، قائلاً: “مولدوفا دولة أصغر وأقل تعقيداً للاندماج. لكن يجب أن تكون رسالة الاتحاد الأوروبي واضحة لجميع الدول المرشحة: بمجرد استيفاء المعايير، ينبغي أن يُتاح لها الانضمام.”
في هذه الأثناء، تبقى كيشيناو حذرة، وهي تأمل في أن تتمكن من تثبيت مسارها الأوروبي دون أن تصبح رهينةً لصراعات الكبار أو الخلافات الداخلية للاتحاد الأوروبي، خاصة وأن الوقت يضيق قبل اختبار صناديق الاقتراع في سبتمبر المقبل.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29412