أعلنت السلطات الأوكرانية عن كشف مخطط فساد واسع النطاق في قطاع الدفاع، يتعلق بمشتريات عسكرية مشبوهة شملت مسؤولين حكوميين وقادة عسكريين ورجال أعمال، في فضيحة تُعد من الأكبر منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022.
ويأتي الإعلان عن القضية بعد يومين فقط من توقيع الرئيس فولوديمير زيلينسكي على قانون يُعيد استقلال وكالات مكافحة الفساد، استجابة لضغوط شعبية وتهديدات من الاتحاد الأوروبي بتجميد التقدم في مفاوضات الانضمام.
مخطط لنهب ميزانية الدفاع
في بيان مشترك صدر يوم السبت، قال المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) ومكتب المدعي العام الخاص بمكافحة الفساد (SAPO) إنهم اكتشفوا شبكة فساد تضم عضوًا في البرلمان الأوكراني، ومسؤولين إقليميين، ورئيس وحدة في الحرس الوطني، إضافة إلى مدير شركة لتوريد الطائرات بدون طيار.
ووفقًا للبيان، فإن المتورطين استغلوا ميزانية الدفاع في عقود شراء مبالغ فيها بشكل متعمد، بحيث حصلوا على عمولات تصل إلى 30% من قيمة العقود. وتضمنت المشتريات معدات عسكرية حساسة، من بينها طائرات بدون طيار من طراز FPV، التي تُستخدم على نطاق واسع في ساحة المعركة ضد القوات الروسية.
ولم تكشف الوكالات عن أسماء المتورطين لأسباب تتعلق بسير التحقيقات، لكنها أكدت أن الوثائق والدلائل تشير إلى نية واضحة للربح غير المشروع على حساب المجهود الحربي الوطني.
زيلينسكي: “خطة غير أخلاقية على الإطلاق”
علق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على القضية بمنشور على تطبيق تيليغرام، واصفًا المخطط بأنه “غير أخلاقي تمامًا”، ومشدّدًا على ضرورة عدم التسامح المطلق مع الفساد، خاصة في ظل حالة الحرب.
وقال زيلينسكي: “من غير المقبول أن يستغل بعض الأشخاص دماء الجنود الأوكرانيين لكسب المال… ننتظر أحكامًا عادلة ضد كل من تثبت إدانته”.
وأضاف في بيان: “من اليوم، لن يُسمح بشغل مناصب لوجستية حساسة في وحدات الحرس الوطني سوى للضباط الميدانيين الذين أثبتوا ولاءهم في جبهات القتال.”
استعادة استقلال هيئات مكافحة الفساد
تزامن الكشف عن هذه الفضيحة مع قرار سياسي مهم وقّعه زيلينسكي يوم الخميس، يقضي بإعادة الاستقلال الكامل لوكالات مكافحة الفساد التي كانت قد خضعت مؤخرًا لإشراف المدعي العام المُعيّن سياسيًا، وهو إجراء أثار قلقًا واسعًا داخليًا ودوليًا.
وأثار القانون السابق احتجاجات واسعة من نشطاء المجتمع المدني والهيئات الرقابية، إلى جانب تحذير مباشر من المفوضية الأوروبية بأن هذه الخطوة قد تُهدد مستقبل أوكرانيا داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل الجهود الجارية لتلبية معايير الشفافية والحكم الرشيد.
ويمنح القانون الجديد NABU وSAPO صلاحيات مستقلة للتحقيق والملاحقة القضائية دون تدخل سياسي، وهو ما اعتبره مراقبون “خطوة أساسية” نحو استعادة ثقة الشركاء الغربيين.
ضغط أوروبي وتحديات داخلية
أوكرانيا، التي تسعى لتسريع وتيرة مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تدرك أن القضاء على الفساد يمثل شرطًا أساسيًا لا غنى عنه. وكان تقرير المفوضية الأوروبية الأخير قد أشار إلى تقدم ملحوظ في الشفافية، لكنه حذر من عودة التدخل السياسي في عمل هيئات التحقيق.
وفي هذا السياق، يُعد توقيت الكشف عن هذه القضية بمثابة رسالة قوية مفادها أن الدولة الأوكرانية تُدرك حجم التحدي، وتُظهر جدية في التصدي للفاسدين حتى في أكثر المؤسسات حساسية كقطاع الدفاع.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29511