أجرى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تعديلًا وزاريًا واسعًا أعاد فيه تشكيل فريقه الحكومي بعد عام أول مضطرب، وأسفر عن واحدة من أكثر الخطوات المفاجئة: تعيين السياسية المخضرمة من حزب العمال إيفيت كوبر وزيرة للخارجية خلفًا لـ ديفيد لامي.
وكوبر التي كانت تشغل منصب وزيرة الداخلية، انتقلت إلى حقيبة الخارجية في خطوة لم تكن متوقعة، خصوصًا أنها لم تتولَ سابقًا أي منصب دولي رسمي. ويأتي هذا التحول بعد خروج أنجيلا راينر من الحكومة عقب تحقيق أخلاقي في شؤونها المالية.
بالتوازي، نُقل لامي إلى وزارة العدل، حيث سيتولى أيضًا منصب نائب رئيس الوزراء الذي أخلاه رحيل راينر. أما وزارة الداخلية، فتولاها شبانة محمود، وزيرة العدل المنتهية ولايتها وإحدى أبرز شخصيات يمين الحزب.
خبرة سياسية عريقة
رغم افتقارها للخبرة الدولية المباشرة، تعد كوبر من أكثر الشخصيات المخضرمة داخل حزب العمال. فقد شغلت مناصب وزارية بارزة منذ حكومة توني بلير، بما في ذلك وزارة الخزانة، ووزارة العمل والمعاشات في عهد جوردون براون، ثم قادت وزارة الداخلية في حكومة الظل.
وفي الأشهر الأخيرة، لعبت دورًا محوريًا في مفاوضات ثنائية مع فرنسا وألمانيا حول الهجرة غير الشرعية، وهو ملف شكّل إحدى أولويات ستارمر الكبرى منذ توليه رئاسة الوزراء.
ويعكس التعديل الوزاري محاولة ستارمر إعادة تنشيط حكومته بعد سلسلة من التحديات السياسية والانتقادات الداخلية. فقد أدى رحيل راينر إلى إحداث فراغ في القيادة، بينما سعت المعارضة والمحافظون إلى استغلال التوترات داخل صفوف العماليين.
وقد نقل لامي من الخارجية جاء وسط تقييمات متباينة لأدائه. بعض المسؤولين وصفوه بأنه “متردد” و”مخيب للآمال” على الساحة الدولية، في حين دافع عنه حلفاؤه مؤكدين أنه مفكر استراتيجي بنى علاقات قوية مع نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، ويحتفظ بعلاقات وثيقة مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
تحديات أمام كوبر
بتوليها منصب كبير الدبلوماسيين البريطانيين، تواجه كوبر سلسلة من الملفات الثقيلة:
إدارة العلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد سنوات من التوتر عقب البريكست.
ملف أوكرانيا والعقوبات على روسيا، في ظل حاجة بريطانيا إلى تنسيق أعمق مع شركائها الغربيين.
الهجرة والتعاون الأمني مع فرنسا وألمانيا، حيث تمتلك بالفعل خبرة حديثة في هذا الملف.
العلاقات مع الولايات المتحدة، خصوصًا مع إدارة ترامب الثانية التي تواصل فرض سياسات حمائية مثيرة للجدل.
قراءة سياسية
ينظر البعض إلى تعيين كوبر باعتباره مغامرة محسوبة من ستارمر: الاستعانة بخبرة وزارية طويلة ورصيد سياسي متين لتعويض غياب الخبرة الدولية المباشرة. في المقابل، يرى آخرون أن نقلها من الداخلية قد يُضعف زخم جهود الحكومة للحد من تدفق المهاجرين عبر القوارب الصغيرة.
وبغض النظر عن التقييم، فإن هذه الخطوة تؤكد رغبة ستارمر في ضبط إيقاع حكومته وإرسال رسالة بأنه مستعد لإجراء تغييرات كبيرة حتى في المواقع العليا لضمان استقرار فريقه السياسي.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29626