اتفاقية التجارة الإطارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة: مكاسب وخسائر

بعد أشهر من التوترات التجارية وتبادل الرسوم الجمركية، توصل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى اتفاقية تجارة إطارية جديدة تهدف إلى تهدئة الخلافات وإرساء أرضية مشتركة للتعاون الاقتصادي.

الاتفاق المكوّن من أربع صفحات، الذي وُقّع عقب لقاءات جمعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأميركي دونالد ترامب، يُنظر إليه كخطوة أولى نحو هدنة تجارية طال انتظارها، لكنه في الوقت ذاته يثير تساؤلات حول الملفات غير المشمولة فيه.

خفض الرسوم الجمركية على السيارات

أبرز بنود الاتفاق يتعلق بقطاع السيارات، حيث ستخفض الولايات المتحدة رسومها الجمركية البالغة 27.5% على السيارات وقطع الغيار الأوروبية لتتوافق مع الحد الأساسي البالغ 15%. لكن هذا الالتزام الأميركي مشروط: على الاتحاد الأوروبي أولًا إلغاء الرسوم الجمركية على جميع السلع الصناعية الأميركية، بما في ذلك الرسوم البالغة 10% على السيارات الأميركية.

وأوضح مفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفكوفيتش أن المفوضية ستطرح تشريعات هذا الشهر لضمان دخول التخفيض الأميركي حيّز التنفيذ بأثر رجعي اعتبارًا من الأول من أغسطس، مؤكداً أن هذه الخطوة “بداية وليست نهاية”.

كما نص الاتفاق على تعاون إضافي في الاعتراف المتبادل بمعايير السيارات. ورغم أن التفاصيل لم تُحدد بعد، حذّر خبراء أوروبيون من أن ذلك قد يؤدي إلى تراجع معايير السلامة. وقال أنطونيو أفينوسو، المدير التنفيذي للمجلس الأوروبي لسلامة النقل: “هذا ليس خيارًا تقنيًا، بل سياسي يضع التجارة فوق سلامة الأرواح.”

الأدوية وأشباه الموصلات

شمل الاتفاق أيضًا قطاعات حساسة مثل الأدوية، الأخشاب، وأشباه الموصلات، حيث اتفقت واشنطن على وضع سقف للرسوم الجمركية بنسبة 15% كحد أقصى على هذه المنتجات، بغض النظر عن نتائج التحقيقات التجارية الأميركية بموجب المادة 232 التي تتيح فرض قيود لحماية الأمن القومي.

لكن قطاع الصلب والألومنيوم بقي خارج هذه التسوية، إذ ستظل هذه المنتجات تواجه رسومًا تصل إلى 50% إلى حين تنسيق الجهود الأوروبية والأميركية لمواجهة فائض الإنتاج العالمي، خصوصًا من الصين، وإمكانية تحديد حصص استيراد مشتركة.

صناعة الأدوية الأوروبية حذّرت من آثار سلبية، إذ قدّرت اتحاد شركات الأدوية الأوروبية (EFPIA) أن الاتفاقية قد تُكلف الشركات نحو 18 مليار يورو. ومع ذلك، نجح الاتحاد الأوروبي في تأمين إعفاء للأدوية الجنيسة منخفضة التكلفة من الرسوم، وهو ما عُدّ مكسبًا مهمًا لحماية المرضى.

الملفات غير المشمولة

رغم التفاهمات، تجاهلت الاتفاقية عدة قضايا جوهرية:

النبيذ والمشروبات الروحية: لم يشمل الاتفاق إعفاءً لهذه المنتجات الأوروبية من الرسوم الأميركية الأساسية البالغة 15%، رغم مطالب بروكسل المتكررة. لا يزال الملف مفتوحًا لمفاوضات لاحقة.

القواعد الرقمية: نجح الاتحاد الأوروبي في استبعاد ملفه الأكثر حساسية والمتعلق بـ تنظيم شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى، مثل قوانين الخدمات الرقمية والأسواق الرقمية. فالمفوضية ترى أن هذه التشريعات شأن داخلي سيادي، فيما تعتبر واشنطن أنها تستهدف الشركات الأميركية بشكل غير عادل.

أكد شيفكوفيتش أن هذه الملفات “لم تكن جزءًا من المحادثات” لكنه لم يستبعد عودتها مستقبلًا. وهو ما دفع بعض النواب الأوروبيين للتحذير من تحويل القواعد الرقمية إلى ورقة مساومة في مفاوضات التجارة. وقالت النائبة البلغارية إيفا مايديل: “تشريعات التكنولوجيا والتعريفات الجمركية مسألتان منفصلتان، ويجب أن تبقى كذلك.”

قراءة في المكاسب والخسائر

مكاسب الاتحاد الأوروبي: خفض الرسوم الجمركية على السيارات، وضمان سقف تعريفي على الأدوية وأشباه الموصلات، وإبقاء التشريعات الرقمية خارج التفاوض.

مكاسب الولايات المتحدة: فرض شرط إلغاء الرسوم الأوروبية على السلع الصناعية، والحفاظ على رسوم مرتفعة على الصلب والألومنيوم كورقة ضغط.

الخسائر المتبادلة: استمرار الرسوم على منتجات استراتيجية (النبيذ، المشروبات الروحية، المعادن)، وغموض بشأن المعايير الفنية للسيارات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.