في تطور جديد لمساعي التهدئة التجارية بين ضفتي الأطلسي، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنها ستلتقي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد في اسكتلندا، في محاولة أخيرة لتفادي حرب تجارية محتملة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقالت فون دير لاين في منشور على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) إنها أجرت “اتصالًا هاتفيًا مثمرًا مع الرئيس ترامب، واتفقنا على الاجتماع في اسكتلندا لمناقشة العلاقات التجارية عبر الأطلسي، وكيفية الحفاظ عليها قوية”.
ويأتي اللقاء المرتقب قبل أقل من أسبوع من الموعد النهائي الذي حدده ترامب لفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الأوروبية، والمقرر في الأول من أغسطس/آب، بعد أن تم تأجيله سابقًا من 9 يوليو/تموز.
خطر فرض رسوم جمركية تصل إلى 30%
كان الجانبان قريبين في وقت سابق هذا الشهر من التوصل إلى اتفاق لفرض رسوم أساسية موحدة بنسبة 10% على بعض السلع، لكن ترامب فجّر المفاوضات بإعلانه عن نية فرض رسوم تصل إلى 30%، ما أثار موجة قلق في بروكسل والعواصم الأوروبية.
وقال الرئيس الأمريكي، في تصريحات أدلى بها للصحفيين قبيل مغادرته واشنطن في زيارة خاصة إلى المملكة المتحدة، إنه يرى أن احتمالات التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي “متساوية، 50-50، وربما أقل”.
وأضاف: “الاتحاد الأوروبي يفرض رسومًا تبلغ 30% على بضائعنا. إذا أرادوا اتفاقًا، فعليهم خفض حواجزهم أولاً”.
وكان ترامب قد أعلن في أبريل/نيسان عن فرض رسوم جمركية على 60 شريكًا تجاريًا بنسب تصل إلى 50%، ضمن سياسة تجارية أكثر حمائية يقول إنها تهدف إلى “إعادة التوازن للميزان التجاري الأمريكي”.
الاتحاد الأوروبي يستعد للرد
في حال أصرّ ترامب على تنفيذ تهديداته، فإن بروكسل لن تقف مكتوفة الأيدي. وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي لصحيفة بوليتيكو إن الاتحاد أعدّ قائمة بسلع أمريكية تصل قيمتها إلى 93 مليار يورو، ستُفرض عليها رسوم جمركية انتقامية إذا فشلت المفاوضات الجارية.
ووافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على هذه الإجراءات يوم الخميس، ما يعكس قلقًا واسع النطاق من تبعات فشل التوصل إلى اتفاق.
وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين: “الجميع متوترون للغاية. الاقتصاد الأوروبي لا يحتمل موجة رسوم جديدة، خاصة في ظل تباطؤ النمو وارتفاع أسعار الطاقة”.
تجارة بمليارات الدولارات على المحك
تُعد العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من بين الأكبر في العالم. ففي العام الماضي فقط، بلغت قيمة الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي نحو 370 مليار دولار، تشمل سلعًا وخدمات صناعية وزراعية وتقنية. وقد يتأثر جزء كبير من هذه الصادرات بإجراءات انتقامية محتملة من الجانب الأوروبي.
ومع أن ترامب يبدو متشككًا في فرص التوصل لاتفاق سريع، إلا أنه أعرب عن تفاؤله النسبي مقارنة بمفاوضاته السابقة مع اليابان، والتي أسفرت مؤخرًا عن اتفاق ثنائي.
وقال: “كنت أعتقد أن فرصتنا مع اليابان كانت 25% فقط. لكنهم واصلوا العودة إلى طاولة المفاوضات، وفي النهاية توصلنا إلى اتفاق. وهذا قد يتكرر مع الأوروبيين”.
الطريق إلى اسكتلندا
لقاء فون دير لاين وترامب سيجري في اسكتلندا، حيث يقضي الرئيس الأمريكي جزءًا من عطلة نهاية الأسبوع قبل استئناف زيارته الرسمية إلى لندن، والتي تشمل أيضًا اجتماعًا مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
وتمثل هذه المحادثات الثنائية اختبارًا كبيرًا للعلاقات عبر الأطلسي، خاصة في ظل إدارة ترامب الثانية التي تنتهج نهجًا أكثر صرامة مع الشركاء التقليديين للولايات المتحدة.
وبينما يأمل الطرفان في تجنب تصعيد اقتصادي جديد، يبقى مصير الاتفاق مرهونًا بما سيُطرح على طاولة النقاش في اسكتلندا – بين رغبة أوروبية في خفض التصعيد، وإدارة أمريكية تصر على تقليص العجز التجاري بأي وسيلة.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29485