يستعد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوات حاسمة ضد روسيا، التي تواصل رفض الالتزام بسياسات الطاقة المشتركة مع دول الاتحاد. في هذا السياق، أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرًا عن استراتيجية جديدة تهدف إلى إنهاء مبيعات الغاز الروسي إلى القارة بحلول عام 2027، بالإضافة إلى إلزام الشركات بفسخ العقود مع موسكو، مما يمثل تصعيدًا كبيرًا في المواجهة الاقتصادية بين الطرفين.
هذه الخطوة تأتي في وقت حساس حيث يواصل الاتحاد الأوروبي السعي لتقليص تمويل حرب روسيا في أوكرانيا، وهو أمر يهم بروكسل بشكل خاص في ظل استمرار الحرب والضغط المتزايد على الدول الأوروبية. الخطة التنفيذية التي أعلنتها المفوضية الأوروبية قد تؤدي إلى مواجهة مباشرة مع بعض الدول الأعضاء، مثل المجر وسلوفاكيا، اللتين استمرتا في التعامل مع موسكو خلال الحرب وتجنبتا فرض عقوبات إضافية على قطاع الطاقة الروسي.
تحديات أمام المجر وسلوفاكيا
تستمر المجر وسلوفاكيا في الحصول على الطاقة الروسية في وقت حساس، مما يعزز المخاوف في بروكسل من عدم التزام بعض الدول بالقوانين الجديدة. في وقت سابق، سعت هذه الدول للحصول على استثناءات من العقوبات الأوروبية، مما سمح لها بالاستمرار في تلقي الإمدادات الروسية عبر خطوط الأنابيب. هذا الوضع خلق تباينًا بين الدول الأوروبية، حيث قال مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبي، دان يورغنسن، إنه على الرغم من المخاوف من بعض الدول مثل المجر وسلوفاكيا، يمكن للمفوضية الأوروبية اتخاذ قرارات بالأغلبية دون الحاجة إلى إجماع من جميع الدول الأعضاء. وأضاف: “إذا لم يتعاون الجميع، فإننا نملك الوسائل للتعامل مع ذلك”.
القلق من التكلفة الاقتصادية
بينما تواصل المفوضية الأوروبية الضغط على الدول الأعضاء لوقف التعامل مع موسكو، هناك قلق متزايد من العواقب الاقتصادية لهذا التحول. وتستفيد المجر وسلوفاكيا من الإعفاءات التي منحتها بروكسل في السابق، ولكن مع اقتراب موعد تنفيذ الخطة الجديدة، يزداد الضغط على هاتين الدولتين اللتين قد تواجهان تكاليف إضافية نتيجة للبحث عن بدائل للطاقة الروسية. تشير لورا بيج، المحللة الكبيرة في شركة كبلر للاستخبارات، إلى أن العثور على إمدادات بديلة سيكون مكلفًا للدول غير الساحلية مثل المجر وسلوفاكيا، حيث تواجه منطقة أوروبا الوسطى والشرقية اختناقات كبيرة في خطوط الأنابيب.
الموقف الروسي والتهديدات المستقبلية
تواجه خطة الاتحاد الأوروبي أيضًا تحديات من جانب روسيا نفسها، حيث يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استخدام الطاقة كأداة للضغط السياسي. وقد استخدم زعماء المجر وسلوفاكيا هذا الوضع للتفاوض مع بروكسل، حيث قال رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، قبل إعلان الخطة، إن بروكسل تسعى “لأسباب سياسية بحتة” إلى زيادة أسعار الغاز، وهو ما قد يضر بشدة بالاقتصاد الأوروبي.
مخاوف من تأثيرات خطة بروكسل على الأسعار والأمن
وتثير الخطة الأوروبية الجديدة تساؤلات حول تأثيرها على أسعار الغاز وأمن الطاقة في القارة. وقد أبدت بعض الشركات مثل “توتال إنرجيز” قلقها من تبعات هذه السياسات على استقرار إمدادات الغاز إلى أوروبا في المستقبل. في هذا السياق، أشار يورغنسن إلى أن الاتحاد الأوروبي سيقدم الدعم للدول المتأثرة بالانتقال، ولكنه لم يحدد كيفية تطبيق هذه المساعدات بشكل عملي. وأضاف أن المفوضية ستستخدم “أدوات متعددة” لتقليل التأثيرات الاقتصادية على الدول الأكثر تأثرًا.
التحديات القانونية والعملية
أما على الصعيد القانوني، فإن التنفيذ الفعلي للخطة يواجه تحديات كبيرة. كيف سيتم مراقبة التطبيق؟ من سيتحقق من التزام الدول بالقوانين؟ وهل يمكن الثقة في الدول التي تواصل التعامل مع روسيا لتوفير بيانات دقيقة حول مصادر الغاز؟ هذه الأسئلة تطرحها العديد من الجهات المعنية.
ورغم ذلك، تصر بروكسل على أن الخطط ستكون قوية من الناحية القانونية، حيث أشار مسؤول في الاتحاد الأوروبي إلى أن الحظر سيسمح للشركات بإعلان “حالة القوة القاهرة”، مما يتيح فسخ العقود نتيجة لظروف غير متوقعة مثل العقوبات.
في النهاية، تظل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الطاقة الروسية مسألة شائكة ومعقدة. على الرغم من أن المفوضية الأوروبية عازمة على تنفيذ خططها، فإن الطريق إلى النجاح ليس مفروشًا بالورود. التحديات الاقتصادية، القانونية، والأمنية ستظل تشكل عقبات أمام تحقيق الأهداف المحددة. وفي الوقت نفسه، تواصل روسيا الاستفادة من مبيعات الطاقة لدعم موقفها في الصراع، مما يجعل المواجهة مع الاتحاد الأوروبي مسألة معقدة ومتعددة الأبعاد.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29271