بريطانيا في مرمى التساؤلات بعد صمتها عن مشاركة مواطنيها في الجيش الإسرائيلي

أثار صمت الحكومة البريطانية بشأن مشاركة مواطنين بريطانيين في القتال بصفوف الجيش الإسرائيلي جدلاً واسعًا، بعدما رفضت وزارتا الداخلية والخارجية الإفصاح عن موقف واضح، واكتفتا بإحالة التساؤلات إلى بعضهما البعض، في وقت تتزايد فيه الدعوات البرلمانية لاتخاذ موقف حازم إزاء هذه القضية الحساسة.

وتأتي هذه التساؤلات بعد تقارير إسرائيلية كشفت عن عجز كبير في صفوف الجيش الإسرائيلي يُقدر بين 10 آلاف و12 ألف جندي، نتيجة رفض فئات واسعة من اليهود المتشددين الخدمة العسكرية. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الحكومة تدرس إطلاق حملة لتجنيد الشباب اليهود من الخارج لتعويض هذا النقص، وهو ما يثير احتمال استقطاب مواطنين بريطانيين.

النائب الاسكتلندي كريس لو رأى أن هذه الخطوة تؤكد أزمة التجنيد الداخلية في إسرائيل، قائلاً: “لا أفهم لماذا قد يسافر أي شخص من بريطانيا للانضمام إلى احتلال غير شرعي”.

دعوات لحرمان مزدوجي الجنسية من حقوقهم

النائب المستقل أيوب خان دعا إلى تجريد مزدوجي الجنسية من جوازهم البريطاني إذا اختاروا الانضمام للجيش الإسرائيلي، مؤكداً أن مشاركة البريطانيين في جيش متهم بارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي وإبادة جماعية محتملة، يجب أن تُعامل بالمعايير ذاتها التي طُبقت ضد مواطنين سافروا للانضمام إلى جماعات مسلحة أخرى.

وقال خان: “يجب أن يكون هناك تكافؤ، ولا يمكن أن تُطبق العدالة بشكل انتقائي. إذا جُرّد آخرون من جنسيتهم بسبب مشاركتهم في أعمال عنف خارجية، فمن العدل أن يُعامل هؤلاء بالمثل”.

اتهامات بالتواطؤ في جرائم حرب

النائب المستقل عدنان حسين شدد بدوره على خطورة المسألة قائلاً: “لا يمكن للمملكة المتحدة أن تسمح لمواطنيها بالمساهمة، بشكل مباشر أو غير مباشر، في ارتكاب الفظائع. إذا شارك أي بريطاني في عمليات عسكرية ترقى إلى مستوى الإبادة أو جرائم الحرب، فإنه يخاطر بالتواطؤ في أخطر الجرائم الدولية”.

وأضاف أن القانون الدولي لا يمنح حصانة لمن يعمل تحت علم أجنبي، مطالبًا الحكومة بالتحقيق في ما إذا كان بعض البريطانيين قد شاركوا في انتهاكات ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة.

دعوات لموقف صارم وملاحقات قضائية

من جانبه، قال النائب المستقل إقبال محمد إن على الحكومة البريطانية أن تتبنى سياسة واضحة وصارمة حيال الخدمة العسكرية في صفوف جيش أجنبي، محذرًا من أن تكثيف إسرائيل لجهودها لتجنيد مواطنين أجانب “يجب أن يقلق كل من يؤمن بالمساءلة الدولية”.

وأضاف: “ينبغي أن توضح الحكومة بشكل عاجل موقفها القانوني من هذه المسألة، وأن تضمن عدم السماح لأي بريطاني بالتواطؤ في الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي”، مشددًا على أن ذلك يجب أن يتبعه ملاحقات قضائية إذا ظهرت أدلة موثوقة.

خلفية متوترة وتداعيات قانونية

تزايدت الضغوط بعد أن كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن ازدياد أعداد الجنود الذين يتغيبون عن الخدمة منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، فيما أقر قادة الجيش بوجود فجوة تقدر بآلاف الجنود.

وفي يناير الماضي، نصح الجيش الإسرائيلي جنوده بعدم السفر إلى الخارج بعد ورود تقارير عن شكاوى بجرائم حرب وملاحقات قانونية محتملة ضدهم. كما رفع فريق من الخبراء القانونيين البريطانيين، في أبريل، شكوى ضد 10 مواطنين بريطانيين بتهم ارتكاب جرائم حرب أثناء خدمتهم في الجيش الإسرائيلي.

ورغم ذلك، لا توجد مؤشرات على أن شرطة العاصمة تحقق بشكل مباشر في أي قضية مرتبطة بإسرائيل وغزة.

وحتى الآن، التزمت وزارتا الداخلية والخارجية البريطانية الصمت، ورفضتا التعليق على استفسارات موقع “ميدل إيست آي”. هذا الموقف دفع المراقبين إلى التساؤل عمّا إذا كان الصمت يعكس تردداً سياسياً أو حسابات دبلوماسية مرتبطة بعلاقات لندن مع تل أبيب.

وبينما تتواصل الحرب الإسرائيلية على غزة وسط إدانات أممية متزايدة، فإن استمرار الغموض الرسمي البريطاني حول مشاركة مواطنيها في الجيش الإسرائيلي يفتح الباب أمام أزمة قانونية وأخلاقية قد تتفاقم في الشهور المقبلة، خاصة مع تصاعد مطالب البرلمان بضرورة الحسم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.