بريطانيا وفرنسا وألمانيا تطلق آلية إعادة فرض العقوبات على إيران

في خطوة غير مسبوقة منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015، أعلنت كل من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا (المعروفة بـ مجموعة الدول الأوروبية الثلاث – E3) إطلاق عملية إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، متهمةً طهران بمواصلة خرق التزاماتها النووية وتهديد السلم والأمن الدوليين.

ويأتي هذا التطور في وقتٍ حرج، قبل حلول الموعد النهائي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والذي سيضع نهاية لإمكانية تفعيل العقوبات عبر آلية “العودة السريعة” (Snapback).

أسباب الخطوة الأوروبية

أكدت الدول الثلاث، في بيان مشترك، أنها استنفدت كل السبل الدبلوماسية لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات، لكن طهران استمرت في خرق الاتفاق.

بحسب البيان، تمتلك إيران الآن مخزونًا يتجاوز 9000 كجم من اليورانيوم المخصب، أي ما يعادل 45 ضعف الحد المسموح به بموجب الاتفاق.

مواقع نووية “تثير قلقًا بالغًا” تقع خارج نطاق إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لا يوجد أي “مبرر مدني” للمستوى المرتفع من تخصيب اليورانيوم لدى إيران، وهو ما يعزز المخاوف من نية تطوير سلاح نووي.

وقال دبلوماسي فرنسي رفيع: “لطالما كان هدفنا إعطاء فرصة للدبلوماسية، لكن في ظل غياب أي مبادرة من الإيرانيين، لم يبق أمامنا سوى إعادة فرض العقوبات”.

رد إيران

ردت وزارة الخارجية الإيرانية ببيان شديد اللهجة وصفت فيه القرار بأنه “سيضعف بشدة التعاون الحالي بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية”، متوعدةً بـ “الرد المناسب” دون تحديد طبيعته.

كما هددت طهران بأنها قد تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) إذا مضت أوروبا في آلية العقوبات، وهو ما قد يشكل ضربة كبيرة للجهود الدولية الرامية إلى منع انتشار السلاح النووي.

العملية القانونية

إطلاق آلية Snapback يعني أن الدول الثلاث بدأت رسميًا فترة مراجعة مدتها 30 يومًا في مجلس الأمن الدولي.

إذا لم يُعتمد خلال هذه الفترة قرارٌ لاستمرار رفع العقوبات عن إيران، فسيتم إحياء العقوبات الأممية السابقة تلقائيًا.

وتشمل هذه العقوبات:

حظر الأسلحة التقليدية.

قيود على تطوير الصواريخ الباليستية.

تجميد أصول أفراد وكيانات إيرانية.

حظر السفر على شخصيات إيرانية بارزة.

حظر إنتاج وتطوير التكنولوجيا النووية.

السياق الدولي

منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 بقيت أوروبا آخر المدافعين عن الاتفاق، لكنها تجد نفسها اليوم مضطرة للاعتراف بأن إيران لم تعد تمتثل لشروطه.

قال مسؤول بريطاني إن القرار “لم يُتخذ باستخفاف”، بل جاء بعد “عام كامل من الجهود الدبلوماسية المكثفة”.

أشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية نفسها لم تعد قادرة على ضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، مع تزايد المخاوف من وجود “مواقع سرية”.

المخاطر والتداعيات

إيران: قد تتخذ خطوة تصعيدية عبر الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، مما سيزيد من العزلة الدولية ويعزز احتمالات سباق تسلح في الشرق الأوسط.

أوروبا: تسعى لتحقيق توازن صعب بين منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وتجنب انهيار كامل للعملية الدبلوماسية.

المجتمع الدولي: يواجه اختبارًا لقدرة مجلس الأمن على فرض قراراته، في ظل الانقسامات بين القوى الكبرى (روسيا والصين من جهة، والغرب من جهة أخرى).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.