حذر صندوق النقد الدولي من أن عصر جديد من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي قد يدفع مستويات الدين العام إلى أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية، ومن المرجح أن تكون منطقة اليورو من بين الأكثر تضررا.
في تقريره نصف السنوي الجديد حول رصد المالية العامة، توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع الدين العام العالمي بمقدار 2.8 نقطة مئوية في عام 2025 ليصل إلى حوالي 95% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويتوقع الصندوق ارتفاعًا إضافيًا ليصل إلى ما يقرب من 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول نهاية العقد.
وتوقعات الصندوق بالنسبة لفرنسا وألمانيا صارخة بشكل خاص، إذ تشير إلى أن أياً من البلدين لن يكون قادراً على خفض عجز ميزانيته إلى مستويات تعتبر مستدامة بشكل عام بحلول نهاية العقد.
ومن المتوقع أن يصل العجز السنوي في فرنسا إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2025، وسيصل إلى 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، وعندها سيبلغ إجمالي دينها العام 128.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
في المقابل، وعد رئيس الوزراء فرانسوا بايرو بخفض العجز إلى 3% بحلول عام 2029، بما يتماشى مع القواعد المالية للاتحاد الأوروبي.
والتوقعات المتعلقة بألمانيا أقل إثارة للقلق، نظرًا لنقطة انطلاقها الأكثر ملاءمة: إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن يظل إجمالي الدين أقل من 75% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العقد.
مع ذلك، لا يزال صندوق النقد الدولي يتوقع أن يتسع عجز الموازنة باطراد من 3% من الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 4% بحلول عام 2030، مع ضخ برلين طوفانًا من الإنفاق على البنية التحتية والعسكري.
وبالمقارنة، في السنوات التي سبقت الجائحة، كانت البلاد تدير ميزانية متوازنة أو فائضة بشكل معتدل.
وأعرب الصندوق أيضًا عن تشاؤمه بشأن قدرة الولايات المتحدة على تحقيق هدف وزير الخزانة سكوت بيسنت بخفض العجز إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح أن واشنطن ستظل تعاني من عجز يتجاوز 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العقد.
وجاء في التقرير: “مع التغيرات السياسية الكبيرة وحالة عدم اليقين المتزايدة التي تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي، ساءت التوقعات المالية”.
وتدعم هذه التوقعات انتقادات الصندوق المتكررة للتكتلات الاقتصادية الكبرى في العالم للسماح للتنافس الجيوسياسي بأن يأخذ الأسبقية على التجارة الحرة والتعاون، وهو الموضوع الذي كرره مرارا وتكرارا في السنوات الأخيرة مع تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين وأوروبا.
وكما جرت العادة، ذكّر الصندوق أعضاءه بالضرر الذي قد يلحقه هذا التنافس بالدول الأكثر فقراً، قائلاً إن “الظروف المالية الأكثر صرامة وتقلباً في الولايات المتحدة قد يكون لها تأثيرات متتالية على الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التمويل”.
وقدّرت المؤسسة، التي تتخذ من واشنطن العاصمة مقرًا لها، أن الارتفاع الكبير في حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي قد يرفع مستويات الدين بنسبة 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط.
وحذّر صندوق النقد الدولي، في سيناريو “مُعاكس للغاية”، من أن مستويات الدين قد تصل إلى 117% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، وهو مستوى لم يُشهد منذ الحرب العالمية الثانية.
ومن بين البلدان القليلة التي يتوقع صندوق النقد الدولي تحسناً ملموساً في صورتها المالية خلال السنوات المقبلة هي المملكة المتحدة.
وفي تأييد ضمني لجهود المستشارة راشيل ريفز لاستعادة الاستقرار في المالية العامة في المملكة المتحدة، يرى الصندوق أن العجز سيتقلص إلى 2.3% فقط من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، من 5.7% في العام الماضي.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29224