أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، \أنه يتوقع أن يصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى اجتماعهما المقرر في ولاية ألاسكا يوم الجمعة القادم، حاملاً مقترحات محددة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وأوضح ترامب أنه سينقل هذه المقترحات إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مع توصية إما بقبول الصفقة المقترحة أو مواصلة القتال.
مفاوضات على الحدود المستقبلية
ألمح ترامب إلى أنه مستعد للتفاوض مع بوتين بشأن الحدود النهائية لأوكرانيا بعد الحرب، بما في ذلك مسألة من سيحصل على أجزاء معينة من الأراضي، بل وذهب إلى القول إنه سيحاول “استعادة بعض الأراضي لأوكرانيا”.
لكن الرئيس الأوكراني لن يكون حاضرًا في الغرفة أثناء المحادثات، ما يثير قلقًا أوروبيًا وأوكرانيًا من أن يتوصل ترامب إلى تفاهمات مع موسكو قد لا تصب في صالح كييف.
تحول مفاجئ في موقف ترامب
تأتي هذه التصريحات بعد تغير مفاجئ في موقف ترامب الأسبوع الماضي، إثر لقاء بوتين مع مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف، حيث أوقف ترامب العقوبات التي كان من المقرر إعلانها، ودعا بوتين إلى ألاسكا، وبدأ بممارسة ضغط علني على زيلينسكي لقبول صفقة سلام.
وبحسب مصادر مطلعة، تضمنت شروط بوتين تنازل أوكرانيا عن مناطق دونيتسك ولوغانسك المحتلة، إضافة إلى شبه جزيرة القرم، مع تجميد خطوط القتال الحالية في خيرسون وزابوريجيا. وصرح ترامب بأنه يأمل في تحسين هذه الشروط قليلًا، مشيرًا إلى أن روسيا تسيطر على “أراضٍ رئيسية” على ساحل البحر الأسود.
تواصل مباشر مع زيلينسكي بعد اللقاء
أكد ترامب أنه سيتصل بزيلينسكي بعد لقائه ببوتين، قائلاً: “قد أقول له: حظًا موفقًا، واصل القتال… أو قد أقول له: يمكننا التوصل إلى اتفاق”.
وانتقد ترامب الرئيس الأوكراني لرفضه التنازل عن الأراضي بموجب الدستور الأوكراني، بل وذهب إلى حد الإشارة – بشكل غير دقيق – إلى أن زيلينسكي “اختار بدء الحرب”، وهو ما يمثل عودة إلى لهجة أكثر عدائية بعد أشهر من المواقف الأكثر دفئًا تجاهه.
الرأي العام الأوكراني
استشهد ترامب باستطلاع زعم أنه يُظهر أن 88% من الأوكرانيين يريدون اتفاق سلام سريع، بينما تشير بيانات مؤسسة غالوب إلى أن النسبة الحقيقية هي نحو 69%، وهي مع ذلك زيادة ملحوظة.
لكن غالبية الأوكرانيين الذين يريدون السلام يفضلون وقف إطلاق نار فوري يتبعه التفاوض، وهو مقترح سبق أن طرحه ترامب، لكن بوتين رفضه في أكثر من مناسبة.
التحضير من الجانب الأوكراني والأوروبي
عقد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس اجتماعًا مطولًا في المملكة المتحدة يوم السبت مع مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين لتنسيق المواقف قبل قمة ترامب–بوتين.
وأكد الجانب الأوكراني أنه يرغب أيضًا في إنهاء الحرب، لكن بشرط أن يوافق بوتين على وقف إطلاق النار وأن يتم التوصل إلى ما وصفوه بـ”سلام عادل”.
حتى الآن، لا يزال تعريف “السلام العادل” مختلفًا جذريًا بين كييف وموسكو، إذ يتطلب بالنسبة لزيلينسكي استعادة الأراضي المحتلة، بينما يرى بوتين أن بقاء هذه الأراضي تحت سيطرته أمر غير قابل للتفاوض.
أهمية اجتماع ألاسكا
أشاد ترامب بـ”احترام” بوتين لقبوله القدوم إلى الولايات المتحدة بدل الاجتماع في دولة ثالثة، لكنه أخطأ مرتين في حديثه، قائلاً إنه سيذهب إلى روسيا، قبل أن يصحح نفسه.
كما لمح ترامب إلى احتمال فرض عقوبات كبيرة على روسيا، أكبر حتى من الرسوم الجمركية بنسبة 50% التي فرضها على الهند بسبب شراء النفط الروسي، مشيرًا إلى أن القرار النهائي سيعتمد على نتائج اجتماع الجمعة.
قلق من صفقة على حساب أوكرانيا
يثير هذا المسار مخاوف في كييف والعواصم الأوروبية من احتمال أن يقبل ترامب بتنازلات إقليمية كبرى لروسيا مقابل إنهاء الحرب، وهو ما قد يترك أوكرانيا في وضع استراتيجي ضعيف ويعزز موقف موسكو العسكري والسياسي.
وفي المقابل، يراهن ترامب على أن مقاربته المباشرة مع بوتين قد تفتح الطريق أمام تسوية أسرع، مقارنة بالمفاوضات متعددة الأطراف التي ظلت تراوح مكانها.
ومع اقتراب موعد القمة في ألاسكا، يبدو أن ملف الحرب الأوكرانية يدخل مرحلة جديدة، حيث يضع ترامب نفسه في موقع الوسيط المباشر بين بوتين وزيلينسكي، لكنه يفعل ذلك بشروط ومعايير قد لا تتوافق مع تطلعات كييف أو حلفائها الغربيين.
الجمعة المقبلة قد تحدد ما إذا كانت هذه المبادرة ستقود إلى وقف القتال، أو ستفتح فصلًا جديدًا من النزاع بخطوط حدودية يعاد رسمها على وقع موازين القوى الحالية.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29537