تسوية جوجل في إيطاليا تعيد تصميم امتثال شركات التكنولوجيا الأوروبية

كشفت التسوية الأخيرة التي توصلت إليها شركة جوجل مع هيئة المنافسة الإيطالية عن دور محوري للهيئات التنظيمية الوطنية في تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي على شركات التكنولوجيا الكبرى، مؤكدة أن بروكسل ليست وحدها في إنفاذ القانون الرقمي.

وأعلنت هيئة المنافسة الإيطالية يوم الجمعة أنها توصلت إلى اتفاق مع جوجل لتعديل شروط وأحكام الموافقة على مشاركة البيانات، بعد أن اتهمت الشركة بممارسات تجارية “مضللة وعدوانية” لإجبار المستخدمين على ربط خدمات مثل الخرائط والبحث.

ويغطي هذا السلوك أيضًا نطاق قانون الأسواق الرقمية للاتحاد الأوروبي (DMA)، الذي صُمم لتعزيز المنافسة وفرض التزامات على أكبر شركات المنصات الرقمية.

ورغم أن DMA صُمم كمركزية لإنفاذ القانون الرقمي عبر بروكسل، فإن الهيئات الوطنية لم تمنعها السلطات الأوروبية من متابعة قضايا محلية.

وفي هذا السياق، أشادت المفوضية الأوروبية بالتسوية الإيطالية، مؤكدة أن التغييرات التي ستجريها جوجل على شاشات الموافقة ستُطبق على نطاق الاتحاد الأوروبي بأكمله، ما يعكس تكامل عمل السلطات الوطنية مع المفوضية لتحقيق نتائج أفضل لحماية المستهلكين.

وقال متحدث باسم المفوضية: “ستعمل جوجل على تغيير شاشات الموافقة الخاصة بها لتوفير معلومات أكثر وضوحًا ودقة حول كيفية دمج البيانات الشخصية واستخدامها المتبادل، وما هي آثار الموافقة على المستخدمين”.

ويأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه الاتحاد الأوروبي ضغوطًا من واشنطن، حيث أشار وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك إلى أن DMA يستهدف الشركات الأمريكية الكبرى، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى “التخلي عن هذا الإطار التنظيمي” مقابل تعاون محتمل في قطاعات أخرى مثل صناعة الصلب.

وتأتي تسوية جوجل في أعقاب غرامة قياسية بلغت نحو 3 مليارات يورو فرضتها هيئات مكافحة الاحتكار الأوروبية على الشركة، بعد أن وجدت أنها مارست ضغوطًا غير عادلة على عملاء الإعلانات الرقمية. وفي ردها على القرار، اقترحت جوجل سلسلة من التعديلات لكنها رفضت الدعوات لتفكيك هيكلها التجاري.

وتظهر هذه التسوية الإيطالية قوة الدول الأعضاء في “ترسيخ” قواعد الاتحاد الأوروبي، حيث أصرّت الهيئة الإيطالية على حقها في متابعة القضية رغم محاولة جوجل تحويل الملف بالكامل إلى المفوضية.

وأشارت الوكالة التنظيمية الإيطالية إلى اجتهادات قضائية تسمح بتطبيق قوانين حماية المستهلك الوطنية حتى ضمن إطار القوانين الأوروبية الموحدة.

وتعاونت الهيئة الإيطالية مع المفوضية لتقديم حل ثلاثي، حيث وافقت جوجل على إعادة تصميم شاشة الاختيار وحث جميع مستخدميها الإيطاليين على مراجعة تفضيلات بياناتهم مجددًا، مع التأكيد على أن هذه التغييرات ستؤثر في النهاية على جميع المستخدمين الأوروبيين.

وتسلط هذه القضية الضوء على التوازن الحساس بين السلطات الوطنية والمفوضية الأوروبية، موضحة كيف يمكن للدول الأعضاء أن تشارك بفعالية في إنفاذ القوانين الرقمية الكبيرة، في حين تحافظ المفوضية على تنسيق شامل للاتحاد.

كما تعكس التسوية التحديات التي تواجه الشركات الأمريكية في أوروبا، حيث يُتوقع منها الالتزام بالمعايير الأوروبية لحماية البيانات وحماية المستهلك، حتى في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية من واشنطن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.