جرائم الكراهية ضد المسلمين ترتفع بنحو الخُمس في إنجلترا وويلز

أظهرت أحدث بيانات وزارة الداخلية البريطانية ارتفاعًا ملحوظًا في جرائم الكراهية المسجلة لدى الشرطة في إنجلترا وويلز، مع زيادةٍ بنحو 19% في الجرائم ذات الدوافع الدينية التي استهدفت المسلمين خلال الاثني عشر شهرًا المنتهية في مارس/آذار من هذا العام.

وتمثل هذه الأرقام أول صعودٍ شامل لجرائم الكراهية منذ ثلاث سنوات، وشمل الارتفاع أيضًا الجرائم ذات الدوافع العنصرية والدينية بصورة أوسع.

وقالت الوزارة إن المنحنى السنوي تخلله “ارتفاع واضح” في أغسطس/آب 2024، متزامنًا مع جريمة قتل ثلاث فتيات خلال حفل رقص في ساوثبورت يوم 29 يوليو/تموز وما أعقبها من أعمال شغب في مدن وبلدات إنجليزية عدّة.

وقد غذّى التصعيد معلومات مضللة انتشرت عبر الإنترنت تفيد بأن الجاني “مسلم وصل على متن قارب صغير”، الأمر الذي أجّج مشاعر العداء واستهداف المسلمين.

مساجد تحت الهجوم وتدخل أمني واسع

شهدت ساوثبورت اعتداءً مباشرًا على أحد المساجد من قِبل حشدٍ قوامه نحو 300 شخص، ما اضطر الشرطة لإجلاء المصلين حفاظًا على سلامتهم.

كما طالت الاعتداءات مساجد في ميدلسبره وسندرلاند. وتشير البيانات إلى أن جرائم النظام العام كانت الشكل الأكثر شيوعًا ضمن جرائم الكراهية المسجلة ضد المسلمين واليهود على السواء، إذ شكّلت 50% من الوقائع الموثّقة لدى الشرطة لكلا المجتمعين.

وتبرز الفوارق عند قياس المعدلات النسبية: فقد سُجّل 106 جريمة كراهية دينية لكل 10 آلاف نسمة استهدفت اليهود — وهو أعلى معدل بين جميع الجماعات الدينية — تلتها جرائم استهدفت المسلمين بمعدل 12 جريمة لكل 10 آلاف نسمة.

ورغم ذلك، توضح الوزارة أن شرطة العاصمة لندن وحدها سجّلت 40% من جميع جرائم الكراهية الدينية ضد اليهود خلال العام الماضي، ما يستدعي الحذر عند المقارنة بين مصادر البيانات وتغطية البلاغات جغرافيًا.

“تيل ماما”: قفزة في البلاغات بعد تظاهرة “توحيد المملكة”

من جهتها، قالت منظمة “تيل ماما”، المراقِبة لحوادث الكراهية ضد المسلمين، إنها تلقت 913 بلاغًا بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول هذا العام، شملت استهداف 17 مسجدًا ومؤسسة إسلامية.

وذكرت المنظمة أنها سجلت 157 بلاغًا خلال الأسبوع الذي أعقب تظاهرة “توحيد المملكة” التي نظمها الناشط اليميني المتطرف تومي روبنسون في وسط لندن بمشاركة تجاوزت 100 ألف شخص، ما يعكس أثر الحشد والتحريض المتزامنَين مع موجات التضليل على الإنترنت.

وقالت وزيرة الداخلية شبانة محمود إن “الإحصاءات تُظهر أن كثيرين يعيشون في خوف بسبب هويتهم أو معتقدهم أو أصولهم”، مؤكدةً أن المجتمعين اليهودي والمسلم يواصلان التعرّض لمستويات “غير مقبولة” من جرائم الكراهية، غالبًا ذات طبيعة عنيفة.

وأعلنت عن تكثيف دوريات الشرطة حول المعابد اليهودية والمساجد عقب الهجوم “المشين” على كنيس في مانشستر الأسبوع الماضي.

معاداة السامية: مستويات مرتفعة رغم تراجعٍ نسبي

تفيد الأرقام الرسمية بأن جرائم الكراهية الدينية ضد اليهود انخفضت خارج نطاق شرطة العاصمة بنسبة 18% (من 2093 إلى 1715)، لكن منظمات المجتمع تُظهر في سجلاتها مستويات ما تزال مرتفعة.

فقد سجلت هيئة أمن المجتمع (CST) 1521 حادثة معاداة للسامية في النصف الأول من 2025 — ثاني أعلى إجمالي نصف سنوي في تاريخها — رغم تراجعه ربعًا عن الفترة نفسها من 2024.

كما بلغ عدد البلاغات الواردة إلى “صندوق الثقة” بشأن معاداة السامية 4296 في 2023، وهو مستوى قياسي ارتبط بتداعيات هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول وبداية حرب غزة.

وتظهر موجات العنف المرتبطة بأحداث صادمة — كجرائم القتل الجماعي — كيف يمكن للمعلومات المضللة وخطاب الكراهية عبر المنصات الرقمية أن تحوّل الخوف إلى تحريض
مباشر ضد مجموعات بعينها.

ويقول مختصون إن التحشيد السياسي عبر الشارع، إضافة إلى الخطاب المتشدد على الإنترنت، يخلق بيئات خطرة تتسارع فيها الاعتداءات على دور العبادة والأفراد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.