بينما يُراجع الاتحاد الأوروبي قانون الأسواق الرقمية (DMA) – الإطار التشريعي الأكثر طموحًا لكبح هيمنة شركات التكنولوجيا العملاقة – تتصاعد معارك سياسية واقتصادية ستحدد مستقبل المنافسة الرقمية في القارة.
وفتحت المراجعة المقررة قانونًا قبل 2026 الباب لشركات كبرى مثل آبل وغوغل لتقديم اعتراضاتها، في وقت تتصاعد الضغوط من جماعات المستهلكين والمشرّعين لإضافة خدمات جديدة تحت الرقابة.
فيما يلي أبرز خمس معارك تستحق المتابعة:
1. الدعوات إلى إلغاء القانون
بدأت شركة آبل هجومها المبكر بالدعوة إلى إلغاء قانون الأسواق الرقمية برمته، واعتباره “عبئًا غير مبرر” على الابتكار. المفوضية الأوروبية ردّت ببرود، مؤكدة أن موقف آبل ليس مفاجئًا نظرًا لمعارضتها المستمرة منذ اعتماد القانون.
في المقابل، اتخذت غوغل نهجًا أكثر مرونة، إذ طالبت بمراجعة “ناعمة” تُخفّف من الغرامات وتستبدلها بالمفاوضات، معتبرة أن تطبيق القانون بحزم شديد يشكل “تهديدًا مسلطًا” على العلاقة بينها وبين بروكسل.
2. فكرة إنشاء منظم مستقل
برزت أصوات أكاديمية وسياسية تدعو إلى إنشاء وكالة أوروبية رقمية مستقلة تتولى الإشراف على تنفيذ DMA بعيدًا عن المفوضية الأوروبية. الفكرة تقوم على فصل تطبيق القانون عن السياسة التجارية والضغوط السياسية، وتخصيص ميزانية وصلاحيات مستقلة لهذا الكيان.
شركات مثل آبل ورابطة صناعات الكمبيوتر والاتصالات (CCIA) – التي تمثل كبريات الشركات الأمريكية – أيدت المقترح، متهمة المفوضية بـ“التحيز وعدم القدرة على التنبؤ”.
3. إدخال السحابة والذكاء الاصطناعي تحت المظلة
القانون بصيغته الحالية لا يشمل معظم خدمات الحوسبة السحابية، بسبب شرط أن يتجاوز عدد المستخدمين 45 مليونًا، وهو ما أعفى عمليًا مزودين كبارًا مثل أمازون ومايكروسوفت وغوغل. الآن، يضغط مشرّعون ومنظمات مجتمع مدني لخفض العتبة وإخضاع “العمود الفقري للذكاء الاصطناعي” للقواعد الأوروبية.
في السياق نفسه، يطالب نشطاء المستهلكين بضم خدمات الذكاء الاصطناعي إلى قائمة المنصات المشمولة، وهو ما ترفضه جماعات الضغط التكنولوجية بحجة أن ذلك قد يُعيق الابتكار.
4. الوصول إلى بيانات البحث
يرى منافسون أصغر مثل DuckDuckGo وEcosia أن تمكينهم من الوصول إلى بيانات البحث التفصيلية من غوغل يمكن أن يُكسر هيمنتها على سوق البحث. المفوضية أشارت بالفعل إلى احتمال إدخال نسخة مطوّرة من قواعد “الوصول إلى بيانات البحث المباشرة” (Search Data Access 2.0) خلال المراجعة المقبلة، ما قد يفتح الباب أمام منافسة أوسع في هذا المجال.
5. معركة التنفيذ: صارم أم متساهل؟
النقاش الأكثر حساسية يدور حول مدى صرامة التطبيق.
شركات مثل آبل تزعم أن الاتحاد الأوروبي يستهدفها بإنفاذ “غير عادل” يضر بالمستخدمين.
في المقابل، تعتبر منظمات مثل BEUC وEDRi أن المفوضية لم تذهب بعيدًا بما يكفي، وأن البطء في الإجراءات يقوض القانون.
الحل الذي يطرحه أنصار التشدد هو زيادة الموارد البشرية والمالية للمفوضية أو لأي هيئة جديدة، لضمان إنفاذ أكثر سرعة وفاعلية.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29694