دور توني بلير في خطة السلام لغزة يثير ردود فعل عنيفة داخل حزب العمال

أثارت مشاركة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير في الخطة الأمريكية للسلام في غزة موجة من الانتقادات الحادة داخل صفوف حزب العمال، بل امتدت إلى شخصيات محسوبة على الجناح الوسط واليسار على حد سواء، فيما دافع آخرون عن استغلال خبرته الدبلوماسية في لحظة تُتَصَف بـ«الطوارئ السياسية والإنسانية».

يأتي ذلك في وقت يسعى فيه حزب العمال، بقيادة كير ستارمر، لتبني مواقف علنية داعمة لجهود إنهاء القتال وإيصال المساعدات، بينما يتزايد القلق من تداعيات أي انخراط سياسي قد ينعكس سلبًا على صورة الحزب انتخابياً.

وفور إعلان دور بلير البارز في مبادرة الرئيس الأمريكي، اندلعت احتجاجات لفظية داخل أروقة الحزب وخارجه.

وقد وصفه منتقدون، ومن ضمنهم نواب وشخصيات يسارية بارزة، بأنه غير محايد نتيجة إرثه السياسي الطويل، لا سيما قرار غزو العراق الذي اعتبره خصومه كارثة إنسانية وسياسية.

وجاء في تعليق لزعيم اليسار السابق جيريمي كوربين أن مواقف بلير السابقة في الشرق الأوسط تجعل وجوده «غير مناسب» لأي وساطة في غزة.

وانتقدت سارة تشامبيون، رئيسة لجنة التنمية الدولية في الحزب، فكرة إشراكه قائلة إن «تاريخه في المنطقة يضع أعباء ثقيلة على أي طاولة تفاوض، وينبغي أن يُترك القرار للشعب الفلسطيني».

في المقابل، تصدر بعض الوزراء والمحافظين داخليًا صفوف الداعمين لبلير موقفًا مضادًا علّق بالقدرة العملية والروابط الإقليمية التي يمتلكها.

ودافع وزير الأعمال بيتر كايل بشدة عن مشاركة بلير ووصفها بأنها «موضع ترحيب»، مضيفًا أن وجود رجال دولة ذوي خبرة في أوقات الأزمات يجب أن يُحتفى به.

كذلك أشار وزير الإسكان ستيف ريد إلى أن نجاح أي وساطة يتطلب «أفرادًا يحظون باحترام ودعم إسرائيل والدول العربية والولايات المتحدة»، معتبراً أن هذا النمط من العلاقات هو ما يجلب فرص التقدم.

وركز المؤيدون على جوانب من السياسة المقترحة استحضرت لهم تجارب سابقة في حل النزاعات، لا سيما اتفاقية الجمعة العظيمة في أيرلندا الشمالية، التي يُشَار إلى أنها تضمنت آليات تدريجية للمصالحة وبرامج عفو وتحوّلات أمنية.

وقال كايل إن بعض بنود الخطة — مثل الحوافز التدريجية وعفو محدود عن أعضاء سابقين في حركات مقاومة — قد تهيئ صيغة دائمة لوقف العنف، وإن كان الاعتراف بالشرعية السياسية لأي طرف وشرطية تنفيذ الضمانات سيبقيان مسألتين مفتوحتين.

والقلق داخل الحزب لم يقتصر على المشاعر الأخلاقية والتاريخية فحسب، بل شمل أيضًا حسابات انتخابية وسياسية عملية. يخشى بعض نواب الحزب من أن ينعكس ارتباط بلير بالمبادرة سلبًا على قدرة الحزب على جذب ناخبين غاضبين من طريقة تعاطي لندن مع الأزمة، خاصة بين قطاعات الشباب والمجتمعات ذات الحساسية القوية إزاء القضية الفلسطينية.

وأظهرت اعترافات داخلية أن بعض المستشارين «أمسكوا رؤوسهم بين أيديهم» عند إعلان الدور، في مؤشر على حجم القلق.

وفي مواجهة هذه الانتقادات، تبنى رئيس الوزراء كير ستارمر خطابًا متوازنًا: لم يذكر بلير بالاسم لكنه وصف المبادرة بأنها «موضع ترحيب عميق»، مشددًا على أن الأهم هو تحقيق وقف لإطلاق النار وإعادة إحياء أفق حل الدولتين.

أما أمين عام الحزب ومجموعة من الوزراء المقربين فبدؤوا بالتركيز على المضمون العملي للخطة بدلاً من شخصية الوسيط، وحرصوا على إبراز أن أي جهد يمكن أن يؤدي إلى إنهاء المعاناة لا بد أن يُدعَم إذا ما استوفت شروط الشفافية والمساءلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.