رئيس الوزراء الفرنسي الجديد لوكورنو يواجه “معمودية النار” باحتجاجات واسعة

لم ينتظر الفرنسيون طويلاً لاختبار رئيس وزرائهم الجديد سيباستيان لوكورنو. فبعد ساعات فقط من تكليفه خلفًا لفرانسوا بايرو المستقيل، يجد لوكورنو نفسه في قلب أزمة اجتماعية حادة تهدد بشل البلاد، مع دعوات لحركة احتجاجية واسعة النطاق تحت شعار “اقطعوا كل شيء”.

وأعلنت السلطات الفرنسية نشر نحو 80 ألف عنصر أمن في مختلف أنحاء البلاد يوم الأربعاء، لمواجهة محاولات إغلاق الطرق السريعة ومحطات القطارات والمطارات ومصافي النفط.
وأكد لوران نونيز، قائد شرطة باريس، أن قوات الأمن ستتدخل “بشكل منهجي” لإزالة أي حواجز، محذرًا من الطبيعة غير المتوقعة للحركة التي تفتقر إلى قيادة واضحة أو تنظيم مركزي.

وتشتبه الحكومة في أن مجموعات يسارية متطرفة تحرّك الدعوات، مع احتمال وجود تضخيم من جهات خارجية، وإن كان أحد المسؤولين قد وصف التأثير الأجنبي بأنه “هامشي حتى الآن”.

جذور الأزمة

بدأت الحملة بعد إعلان بايرو، في يوليو/تموز الماضي، خطته لتقليص ميزانية 2026 بمقدار 43.8 مليار يورو، في محاولة للسيطرة على الإنفاق العام.
لكن البرلمان، المنقسم والمشلول سياسيًا، فشل في إقرار الخطة يوم الاثنين الماضي، ما دفع بايرو إلى الاستقالة. الرئيس إيمانويل ماكرون سارع إلى تعيين لوكورنو، أحد أقرب حلفائه منذ وصوله إلى الإليزيه، لملء “الفراغ في السلطة”.

ولوكورنو، المعروف بتحفظه، كان قد أشرف على ملف إعادة تسليح فرنسا عقب الحرب في أوكرانيا ونال إشادات في هذا المجال. لكن التحدي الجديد مختلف: التعامل مع موجة احتجاجات غير تقليدية قد تتطور إلى أزمة سياسية واجتماعية عميقة.
فعلى رئيس الوزراء الجديد أن يوازن بين التصدي أمنيًا لأي أعمال عنف محتملة، وفتح حوار برلماني معقد حول الموازنة في ظل غياب أغلبية حكومية.

أوجه الشبه والاختلاف مع “السترات الصفراء”

المقارنة مع حركة “السترات الصفراء” التي هزّت فرنسا عام 2018 حاضرة بقوة. لكن تحليلًا صادرًا عن مؤسسة “جان جوريس” أشار إلى اختلافات جوهرية:

“السترات الصفراء” بدأت بمطلب محدد يتعلق بضريبة الوقود ثم توسعت.

“اقطعوا كل شيء” لا تملك مطالب واضحة، بل خليطًا من الدعوات إلى استقالة ماكرون، وإنهاء النظام الحزبي، ومقاطعة البنوك.
هذا الغموض يزيد قلق السلطات التي ترى صعوبة في التنبؤ بمسار الأحداث أو التفاوض مع طرف محدد.

وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة “إبسوس”، فإن 46% من الفرنسيين أبدوا دعمًا للحملة، ما يعكس حالة من السخط الواسع على الوضع الاقتصادي والسياسي.
المخاوف الحكومية تتضاعف من إمكانية أن تتحول احتجاجات الأربعاء إلى شرارة تُشعل موجة أكبر الأسبوع المقبل، مع دخول النقابات العمالية المنظمة على خط التصعيد بإضرابات واسعة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.