رومانيا تطالب بحصتها من «فطيرة» الدفاع الأوروبية

بروكسل — بينما تتسارع أوروبا في موجة إعادة التسلّح على خلفية الحرب في أوكرانيا وتصاعد الضغوط الأمنية، تريد رومانيا أن يتحوّل الإنفاق الدفاعي إلى منافع صناعية ملموسة داخل حدودها.

وصرح وزير الدفاع الروماني ليفيو إيونوت موستيانو بأن بوخارست تسعى إلى ضمان «عوائد صناعية» من عقود الأسلحة الأوروبية الضخمة المتوقعة في السنوات المقبلة، معتبراً أن المال العام الذي يوجه للمدافـع يجب أن يعود جزئياً إلى اقتصاد البلد عبر مصانع ووظائف محلية.

وتأتي تصريحات موستيانو في وقت تتعهد فيه حكومات الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي بعد غزو روسيا لأوكرانيا؛ إذ تغيّر المشهد بزيادة الطلبيات على الأسلحة والمعدات، ما يفتح سوقًا ضخمة للمصنّعين.

وتخطط رومانيا، التي تنفق نحو 2.3% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام، لرفع هذا الحجم إلى 3.5% بحلول 2030، وتسعى لأن تكون من بين كبار المستفيدين من برنامج SAFE الأوروبي للتمويل الدفاعي بقيمة 150 مليار يورو، فهي طلبت قروضًا مخفضة الفائدة بقيمة 16.7 مليار يورو لقطاعها الدفاعي.

وقال موستيانو إن ثلثي هذه الأموال سيُخصص لشراء معدات عسكرية والثلث الباقي للبنية التحتية، مشدداً على أن أحد الشروط الأساسية لأي صفقة بموجب برنامج SAFE سيكون تحقّق عائد صناعي داخل رومانيا.

وأضاف: «عند إنفاق أموال الناس على الدفاع، من المهم أن يروا أن جزءًا منها يعود إلى بلادهم — عبر المصانع والوظائف».

وأوضح أن المناقشات مع مصنعي الأسلحة الأوروبيين ستأخذ هذا المطلب في الاعتبار، محذراً بأنه إذا لم يستجب هؤلاء فإن بوخارست لن تتردد في تحويل عقود إلى شركات خارج الاتحاد على استعداد للالتزام بشروط الإنتاج المحلية.

وتجسد مثالاً ملموساً على هذا التوجّه المناقصة الجارية لشراء أكثر من 200 دبابة بقيمة 6.5 مليار يورو، التي تشترط التجميع النهائي داخل رومانيا.

كما أبرمت حكومته اتفاقًا مع شركة راينميتال الألمانية لبناء مصنع لإنتاج مسحوق الذخيرة، تمويله سيأتي جزئيًا من صندوق الاتحاد الأوروبي لدعم إنتاج الذخيرة، في مؤشر إلى تشرّب الأسواق الأوروبية بروما الخبرة الصناعية.

وتتمتع رومانيا ببنيات صناعية تساعد خططها: قطاع سيارات قوي يمكن أن يتكيّف لتقديم قدرات تصنيع سريعة لقطاع الدفاع، ومصانع قائمة لديها الموافقات اللازمة على الإنتاج الدفاعي، على الرغم من أن بعضها بحاجة لتحديث.

وقال موستيانو: «لدينا مرافق إنتاج دفاعية… ليست مُحدّثة بالكامل لكنّها نقطة انطلاق جيدة»، مضيفًا أن إمكانية الاستفادة من خطوط إنتاج السيارات لتسريع التجميع والتصنيع تمثل ميزة تنافسية.

لكن طموحات بوخارست لا تخلو من تحديات. إذ تهيمن دول أوروبية غربية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا والسويد على صناعة الأسلحة المتطورة، حاصدة معظم عقود التوريد المربحة.

أما الدول الشرقية السابقة فتمتلك شركات أصغر تفتقر إلى الخبرة التكنولوجية لإنتاج مجموعة كاملة من الأنظمة، ما يجعلها تعتمد على الشركاء الخارجيين. لذا، يطالب المعلنون الرومانيون بآليات تضمن توزيعًا أوسع للعوائد الصناعية عبر القارة، وليس حصرها في عدد محدود من الدول.

من جهة أخرى، يُعدّ تسريع إجراءات الترخيص والحد من البيروقراطية المحلية من الأولويات، إذ تعكّر البطء التشريعي وتآخر إصدار الحوافز الاستثمارية سرعة جذب مشروعات دفاعية كبيرة. وقد ألمح موستيانو إلى رغبته في تعديل القوانين لتسهيل دخول المستثمرين وتسريع إنشاء مصانع جديدة.

إذا نجحت استراتيجياتها، قد تتحوّل رومانيا إلى مركز تصنيع إقليمي يغطي أجزاء من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، كما صرّح مسؤولون سابقون لشركات دفاع عالمية.

لكن تحقيق ذلك يتطلّب توازنًا دقيقًا بين استثمار الأموال القومية، وضمانات تكنولوجية لصناعة محلية قابلة للتطوّر، وتنسيق أوروبي يضمن توزيعًا عادلاً للعوائد الصناعية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.