يحاول رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو أن يمسك العصا من المنتصف: فمن جهة يعلن ولاءه لخطاب موالٍ لروسيا، متعهّدًا بعدم إرسال “رصاصة واحدة” من مستودعات الدولة إلى أوكرانيا، ومن جهة أخرى يشهد اقتصاد بلاده طفرة في صادرات الأسلحة الخاصة إلى كييف، لتتحول سلوفاكيا إلى واحدة من أبرز المستفيدين اقتصاديًا من حرب الاستنزاف.
وعود سياسية… وأرباح اقتصادية
منذ عودته إلى السلطة، أوقف فيكو المساعدات العسكرية الرسمية لأوكرانيا، وهاجم العقوبات الأوروبية على موسكو، كما رفض فكرة انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي، وعزّز علاقاته الشخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن خلف هذه المواقف السياسية، تكشف الأرقام عن صورة مغايرة:
1.15 مليار يورو بلغت قيمة صادرات الأسلحة السلوفاكية في عام 2024، أي ضعف ما كانت عليه في 2023، وعشرة أضعاف ما قبل الغزو الروسي الشامل عام 2022.
تمثل هذه الصادرات نحو 1% من الناتج المحلي للبلاد، وهو رقم ضخم في اقتصاد صغير مثل سلوفاكيا.
نائب وزير الدفاع إيغور ميليتشر برّر التناقض قائلاً: “التزمنا بعدم إرسال أسلحة رسمية من مخازن الدولة، لكننا لا نستطيع تقييد شركات الصناعات الدفاعية الخاصة. نحن نحترم قواعد السوق الحرة”.
صناعة سلاح مزدهرة
شركات السلاح السلوفاكية تنتج ذخائر عيار 155 ملم، ومدافع هاوتزر “زوزانا 2″، وأنظمة رصد وحرب إلكترونية، ووسائل اتصالات متقدمة. وغالبًا ما تُباع هذه المعدات إلى شركاء غربيين (الولايات المتحدة، ألمانيا، بولندا)، الذين يعيدون بدورهم توجيهها إلى أوكرانيا.
وزير الدفاع روبرت كاليناك لم يُخفِ الحافز الاقتصادي وراء هذه السياسة، إذ قال عند افتتاح مصنع ذخيرة جديد: “هذا ليس دعمًا للحرب، بل دعمًا للتجارة. إنها فرص عمل ونمو اقتصادي”.
انتقادات داخلية وأوروبية
رغم مكاسب الصناعة الدفاعية، وُجهت انتقادات شديدة لسياسات فيكو:
لوسيا يار، نائبة سلوفاكية في البرلمان الأوروبي، وصفت موقف الحكومة بأنه “انتهازية سياسية تتستر بخطاب سلمي”، مشيرة إلى أن براتيسلافا تحاول استغلال السوق الحرة والمال الأوروبي معًا.
فيكو نفسه لم يتراجع عن خطابه المناهض للإنفاق الدفاعي الأوروبي، إذ سخر في خطاب أبريل الماضي بمناسبة ذكرى تحرير سلوفاكيا: “هل يجب أن نأخذ من المتقاعدين لشراء الدبابات؟ لماذا تحتاج أوروبا فجأة إلى إنفاق 800 مليار يورو على التسلح؟”
لعبة مزدوجة مع الاتحاد الأوروبي
بينما ترفض الحكومة المشاركة المباشرة في دعم كييف عسكريًا، فإنها تتنافس على أموال الاتحاد الأوروبي الموجهة للدفاع، ومنها خطة “العمل الأمني من أجل أوروبا” بقيمة 150 مليار يورو.
يقول مراقبون في بروكسل إن فيكو “قد لا يهتم حقًا بالدفاع الجماعي، لكنه يدرك حجم التمويل الأوروبي المتاح”، ويحاول من خلال التلاعب بالخطاب السياسي تأمين أموال لمشاريعه المحلية.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29555