ربط الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده لفرض عقوبات إضافية على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا بتحقيق سلسلة مطالب من حلفائه الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي، في خطوة وُصفت بأنها تحمل في طياتها شروطاً شبه مستحيلة التحقيق.
ففي منشور على منصته تروث سوشيال نهاية الأسبوع، قال ترامب إنه “لن ينسحب” إلا عندما توقف جميع دول الناتو شراء النفط من روسيا، داعياً كذلك إلى فرض رسوم جمركية تتراوح بين 50% و100% على الصين طوال فترة الحرب.
تقدم نسبي لكن عقبات قائمة
منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022، تراجعت واردات الاتحاد الأوروبي من النفط والغاز الروسي بشكل كبير. ففي عام 2021 كان الاتحاد يستورد 45% من غازه و27% من نفطه الخام من موسكو، أما في 2024 فانخفضت النسبة إلى 19% للغاز و3% فقط للنفط.
لكن دولاً مثل المجر وسلوفاكيا لا تزال مرتبطة بخط أنابيب دروجبا وتعتمد على النفط الروسي المخفّض السعر. بل إن المجر رفعت اعتمادها من 61% قبل الحرب إلى 86% في 2024، بينما لا تزال سلوفاكيا تعتمد بنسبة تقارب 100%.
وتسعى المفوضية الأوروبية للضغط على البلدين عبر خطة REPowerEU، التي تهدف إلى إنهاء واردات الغاز الروسي كلياً بحلول 2027. لكن دبلوماسيين أوروبيين أقروا بأن دول الاتحاد تحتاج إلى مزيد من الوقت للعثور على بدائل.
معضلة تركيا في الناتو
إصرار ترامب على أن يشمل الحظر جميع دول الناتو يضع تركيا في قلب المعضلة. أنقرة لم تلتزم بالعقوبات الغربية بل تحولت إلى مركز لإعادة تصدير النفط الروسي إلى أوروبا.
وفق بيانات 2024، استوردت تركيا 41% من غازها و57% من نفطها من موسكو. ويرى محللون أن أي محاولة لإقناع الرئيس رجب طيب أردوغان بالتخلي عن هذه الواردات ستصطدم بأزمة اقتصادية داخلية تعيشها البلاد بسبب تضخم أسعار الطاقة.
وقد أكد دبلوماسي رفيع في الناتو أن الحلف ليس معنياً مباشرة بمسألة تجارة النفط والغاز، وأن ذلك يظل من اختصاص الاتحاد الأوروبي، مما يعقّد أكثر مطلب ترامب.
الغاز الأميركي: استحالة لوجستية
من أبرز مطالب ترامب أن يشتري الاتحاد الأوروبي ما قيمته 750 مليار دولار من النفط والغاز الأميركي حتى نهاية ولايته. لكن الأرقام تكشف استحالة ذلك:
في 2024 أنفق الاتحاد الأوروبي 375 مليار يورو على واردات الطاقة، منها 76 مليار يورو فقط من الولايات المتحدة.
لتحقيق مطلب ترامب، ينبغي على أوروبا مضاعفة وارداتها الأميركية ثلاث مرات خلال ثلاث سنوات، متجاهلة موردين تقليديين مثل النرويج.
الولايات المتحدة نفسها لم تصدر سوى 166 مليار دولار من النفط والغاز في 2024، أي أقل بكثير مما يطلبه ترامب.
تقول المحللة لورا بيج من شركة كبلر: “هذا لن يحدث أبداً”.
أما اقتراح ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 50–100% على الواردات الصينية، فيعتبره خبراء “ضربة اقتصادية قاضية” للاتحاد الأوروبي. الصين هي الشريك التجاري الأول لأوروبا، وأي تصعيد جمركي بهذا الحجم سيؤدي إلى تداعيات سلبية عميقة على الصناعة والتجارة الأوروبية.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29651