عقوبات أوروبية جديدة على الصين… اختبار حقيقي لعلاقة بروكسل وترامب

يستعد الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع لطرح حزمة عقوبات جديدة تستهدف شركات صينية مرتبطة بالمجهود الحربي الروسي، في خطوة يراها دبلوماسيون أوروبيون جزءًا من محاولة دبلوماسية لإقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانضمام إلى مسار أكثر صرامة ضد الكرملين.

لكن هذه الجهود الأوروبية لا تبدو كافية لواشنطن. فقد قال ترامب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنه سيدعم تشديد العقوبات على روسيا فقط إذا أوقفت دول الناتو جميع وارداتها النفطية من موسكو وفرضت رسوماً جمركية تتراوح بين 50 و100% على الصين.

وقد أكد ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين أن النقاشات الجارية حول الحزمة الـ19 من العقوبات الأوروبية، والمتوقع الإعلان عنها يوم الجمعة، تشمل إدراج شركات صينية إضافية على قائمة العقوبات، إلى جانب إجراءات ضد قطاعات العملات المشفرة والبنوك والطاقة.

غير أن الخطوة لا تقترب من مستوى الشروط التي يضعها ترامب. وفي مكالمة مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لم يُشر ترامب إلى رضا كامل عن هذه الإجراءات.

شكوك أوروبية في نوايا واشنطن

يخشى مسؤولون أوروبيون أن تكون شروط ترامب مجرد خدعة لإلقاء اللوم على الحلفاء الغربيين لاحقًا. أحد المسؤولين الأوروبيين قال: “بعض رسالته منطقي، لكن بعضها الآخر مجرد أعذار لعدم القيام بأي شيء”.

مسؤول آخر أضاف: “يضع شروطًا يعرف أنها مستحيلة التنفيذ، ليقول لاحقًا إنه غير قادر على التحرك”، في إشارة إلى أن واشنطن قد تستخدم الموقف لتعطيل مسار العقوبات بينما تُلقي بالمسؤولية على عاتق أوروبا.

وتثير المطالب الأمريكية قلقًا اقتصاديًا واسعًا. فرض رسوم جمركية مرتفعة على الصين قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم وضرب سلاسل التوريد الأوروبية، حيث تمثل الصين نحو 21% من واردات الاتحاد الأوروبي.

كما أن وقف كامل لواردات النفط الروسية قد يُلحق ضررًا مباشرًا باقتصادات دول أوروبية مثل المجر وسلوفاكيا، بينما يُعزز صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي إلى أوروبا.

وزير الطاقة الليتواني زيجيمانتاس فايسيناس وصف الموقف بقوله: “واشنطن تستغل نقاط ضعف أوروبا لتحقيق مكاسبها الجيوسياسية”.

لعبة مزدوجة مع موسكو وبكين

رغم تشدد لغة ترامب مؤخرًا تجاه روسيا، إلا أن دبلوماسيين أوروبيين – وحتى بعض الجمهوريين – ما زالوا غير مقتنعين بجدية نواياه. ويرى محللون أن البيت الأبيض الحالي يفضل تصعيد الضغوط التجارية على الصين أكثر من ممارسة ضغط مباشر على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ورأت الباحثة آن صوفي كوربو من جامعة كولومبيا أن الدافع اقتصادي بالأساس: “ترامب يحاول إقناع أوروبا بشراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال الأميركي”.

معضلة بروكسل

تحاول بروكسل إيجاد توازن صعب:

الحفاظ على وحدة الصف الغربي في مواجهة روسيا.

تجنب قطيعة اقتصادية مع الصين والهند، التي يعتمد عليها الاقتصاد الأوروبي بشكل كبير.

احتواء الانقسامات داخل الاتحاد، خصوصًا مع استمرار دول مثل المجر وسلوفاكيا في شراء النفط الروسي.

وقال دبلوماسي أوروبي صراحة: “انقطاع التجارة مع الصين والهند؟ سنغرق. ماذا سيتبقى منا؟”

وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي لتوسيع نطاق العقوبات، تبقى التساؤلات قائمة: هل ستعتبر واشنطن الخطوات الأوروبية كافية، أم أن ترامب سيواصل رفع سقف مطالبه لتبرير تقاعسه عن الضغط المباشر على روسيا؟

في الوقت الراهن، يبدو أن أوروبا أمام معركة سياسية واقتصادية مزدوجة: إقناع البيت الأبيض بالتحرك ضد بوتين، دون التضحية بمصالحها الحيوية مع بكين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.