فضيحة عقارية تحرج حكومة ستارمر: وزيرة المالية البريطانية تعتذر عن مخالفة قواعد الإسكان

وجدت حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر نفسها في موقف حرج جديد بعد اعتراف وزيرة المالية راشيل ريفز بانتهاك قواعد الإسكان إثر تأجير منزلها العائلي من دون الحصول على الترخيص المطلوب.

ورغم تبرئتها من قبل السلطات الأخلاقية، إلا أن الجدل السياسي ما زال يتصاعد، إذ استغل حزب المحافظين المعارض الواقعة للمطالبة باستقالتها وفتح تحقيق رسمي.

وبدأت القضية حين كشفت صحيفة ديلي ميل أن ريفز، التي انتقلت مؤخرًا مع أسرتها إلى مقر الحكومة في رقم 11 داونينغ ستريت، عرضت منزلها الخاص في حي دولويتش وود بجنوب لندن للإيجار من دون الحصول على رخصة التأجير الانتقائية التي يفرضها مجلس ساوثوارك المحلي.

وأقرت الوزيرة بالخطأ مساء الأربعاء، قائلة إن عدم استصدار الترخيص كان «غير مقصود»، موضحة: «لم نكن على علم بضرورة الحصول على ترخيص. وبمجرد أن تم إبلاغنا، تقدمنا فورًا بالطلب».

وأضافت ريفز أنها أبلغت السلطات الرقابية، بما في ذلك المستشار المستقل للمعايير الوزارية لوري ماغنوس والمفوض البرلماني للمعايير دانييل غرينبيرغ، بطلب فتح تحقيق للتأكد من الشفافية. لكن ماغنوس خلص إلى أن الاعتذار كافٍ لحل المسألة بموجب مدونة سلوك الوزراء، وهو ما استند إليه ستارمر للدفاع عنها.

وقال رئيس الوزراء في بيان: «من المؤسف عدم الحصول على الترخيص المناسب في وقت أقرب، لكنني راضٍ عن الطريقة التي تعاملت بها الوزيرة ريفز مع الموقف واعتذارها الصريح».

إلا أن المعارضة رفضت هذا التبرير. فقد دعت كيمي بادينوخ، زعيمة المحافظين، إلى «تحقيق شامل»، متهمة ستارمر بـ«التستر على مخالفات حكومته».

وذهبت أبعد من ذلك ميل سترايد، وزيرة المالية في حكومة الظل، التي قالت لشبكة سكاي نيوز إن «تجاهل المسألة ببساطة ليس مقبولًا»، مضيفة أن «منصب ريفز لم يعد قابلًا للاستمرار».

ويأتي هذا الجدل في توقيت حساس لحكومة حزب العمال التي لم يمضِ على توليها السلطة سوى أشهر قليلة.

فقد اضطر ستارمر في وقت سابق إلى قبول استقالة نائبته أنجيلا راينر على خلفية قضية تتعلق بضريبة السكن، والآن تواجه حكومته أزمة ثقة جديدة قبيل إعلان الموازنة العامة، المتوقع أن يشهد قرارات اقتصادية مثيرة للجدل قد تشمل تراجعًا عن وعود بعدم زيادة الضرائب.

وتُعدّ راشيل ريفز إحدى أبرز وجوه حزب العمال وأكثرها نفوذًا داخل الحكومة، وقد حظيت بإشادة بسبب نهجها المالي المحافظ الذي ساعد في طمأنة الأسواق بعد سنوات من الاضطراب السياسي. غير أن الواقعة الأخيرة أضرت بصورتها كرمز للانضباط والالتزام بالقواعد، بحسب مراقبين سياسيين.

وقال الخبير في شؤون الحوكمة جوناثان تيرنر إن القضية، رغم بساطتها القانونية، «تغذي السردية التي تحاول المعارضة ترسيخها بأن حزب العمال لا يختلف عن أسلافه من حيث الإخفاق الأخلاقي»، مضيفًا أن «الضرر الرمزي قد يفوق حجم المخالفة ذاتها».

وفي وقت تسعى فيه ريفز لتجاوز الأزمة سريعًا قبل مناقشة الموازنة الأسبوع المقبل، يبدو أن خصومها في حزب المحافظين عازمون على إبقاء القضية في دائرة الضوء لإرباك الحكومة.

فبينما تؤكد التحقيقات الرسمية أن المسألة أُغلقت باعتذار، فإن «الضرر السياسي» لا يزال قائمًا — وقد يتحوّل إلى اختبار مبكر لصلابة حكومة ستارمر في مواجهة أولى عثراتها الأخلاقية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.