فوز إرهورمان في شمال قبرص قد يفتح الباب أمام إعادة النظر في الفيدرالية

أحدثت نتائج الانتخابات الأخيرة في شمال قبرص، التي فاز فيها المرشح المؤيد للاتحاد توفان إرهورمان، موجة من التحليلات حول مستقبل محادثات توحيد الجزيرة المنقسمة.

وقد فسرت وسائل إعلام تركية وأوروبية الفوز الساحق لإرهورمان على أنه رسالة ضمنية إلى أنقرة، حيث كانت تركيا تفضل رئيس الوزراء السابق إرسين تاتار المؤيد لنموذج الدولتين.

وأظهرت القيادة التركية، بما في ذلك الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان، عدم القلق من انتخاب إرهورمان، وأكد أردوغان في رسالة تهنئة استمرار دعم تركيا للقبارصة الأتراك.

ومع ذلك، يعتبر محللون أن هذا الفوز قد يخلق فرصة لإحياء محادثات توحيد الجزيرة في الأمد المتوسط، شريطة استيفاء عدة شروط، أهمها خطوات حقيقية من القبارصة اليونانيين وحوافز من الاتحاد الأوروبي.

وقال دبلوماسي أوروبي لموقع “ميدل إيست آي”: “على عكس عام 2020، سمحت تركيا هذه المرة لمجريات الانتخابات بالظهور على طبيعتها، وهو ما يفتح إمكانيات جديدة للمفاوضات”.

سياق تاريخي معقد

تقسم قبرص منذ غزو تركيا عام 1974 بعد انقلاب كان يهدف إلى ضم الجزيرة إلى اليونان، لتصبح الشمال القبرصي تحت السيطرة التركية والجزء الجنوبي جمهورية قبرص المعترف بها دولياً.

وقد فشلت محاولات التوحيد السابقة، بما في ذلك استفتاء خطة أنان 2004 ومحادثات كرانس مونتانا 2017، بسبب رفض القبارصة اليونانيين أو انهيار المفاوضات رغم تنازلات تركية كبيرة.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ركزت أنقرة على تعزيز الكيان القبرصي الشمالي والترويج لنموذج الدولتين، مع الاعتراف به كمراقب لدى منظمة الدول التركية واستقبال رئيس أذربيجان له في عدة مناسبات.

شروط إعادة الانخراط في المحادثات

إرهورمان معروف لدى أنقرة وشارك سابقًا في محادثات التوحيد. بعد فوزه، أكد أنه سيتعاون مع تركيا لحماية حقوق القبارصة الأتراك، لكنه لن يشارك في مفاوضات مفتوحة مع القبارصة اليونانيين ما لم يتم وضع جدول زمني واضح وضمانات جدية.

وأوضح أن القبارصة اليونانيين يمكنهم إظهار حسن النية من خلال خطوات ملموسة، بينما يمكن لحزمة حوافز من الاتحاد الأوروبي، مثل المشاركة في مبادرة SAFE، وتحديث الاتحاد الجمركي، وفرص التعاون الاقتصادي والعسكري، أن تشجع أنقرة على إعادة الانخراط.

وإلى جانب التحديات الداخلية، تثير الشراكة المتنامية بين القبارصة اليونانيين وإسرائيل مخاوف أنقرة، خصوصًا بعد شراء أنظمة دفاع جوي من طراز باراك إم إكس التي قد تسمح بجمع معلومات استخباراتية عن النشاط العسكري التركي في شرق المتوسط.

ورأى مسؤولون أتراك أن هذه التحركات قد تدفع تركيا إلى استخدام الدبلوماسية كوسيلة لموازنة التحالفات الناشئة ولتعزيز موقفها في مفاوضات التوحيد المستقبلية.

وعليه يفتح فوز إرهورمان نافذة محتملة لإحياء محادثات التوحيد، لكنه يعتمد على خطوات جدية من القبارصة اليونانيين، حوافز أوروبية واضحة، وقدرة أنقرة على إدارة المخاوف الإقليمية.

ويظل مستقبل الفيدرالية القبرصية مرتبطًا بديناميات سياسية معقدة تجمع بين مصالح تركيا، القبارصة الأتراك، القبارصة اليونانيين، والاتحاد الأوروبي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.