كير ستارمر بين وعود الإصلاح وتعقيدات التنفيذ

بعد أربعة عشر شهرًا في داوننغ ستريت، لا يزال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يبحث عن الصيغة العملية التي تترجم وعوده بـ”إحداث التغيير”. وبينما يُعيد تجديد مقر رئاسة الوزراء رقم 10 ويجري تعديلات في فريقه، تطرح التساؤلات: هل يعكس هذا الحراك ديناميكية إصلاحية، أم ارتباكًا في رسم الاتجاه؟

وقد شهد مقر رئاسة الوزراء هذا الأسبوع تغييرات واسعة شملت رحيل عدد من أبرز المساعدين والمستشارين، مثل ستيوارت إنغام، وليز لويد، وأولاف هنريكسون-بيل، وجيمس ليونز.

وفي المقابل، تولى نين بانديت قيادة فريق “التسليم” الجديد، فيما ستشرف نائبة رئيس الموظفين فيديا ألاكيسون على التنسيق العام.

إلى جانب ذلك، استقطب ستارمر أسماء ثقيلة في الاقتصاد والسياسة: مينوش شفيق، نائبة محافظ بنك إنجلترا السابقة، كمستشارة اقتصادية رئيسية؛ وتيم ألان، المستشار السابق لتوني بلير، كمدير تنفيذي للاتصالات؛ إضافة إلى ترقية دان يورك سميث في وزارة الخزانة.

وتأتي هذه التغييرات وسط تراجع في شعبية ستارمر في استطلاعات الرأي، وبداية موسم سياسي محفوف بالتحديات الداخلية والخارجية.

شعار “الإنجاز”: بين الطموح والبيروقراطية
منذ البداية، رفع ستارمر شعار “الإنجاز” لتقديم نفسه كشخصية عملية قادرة على إصلاح الفوضى التي خلفتها الحكومات السابقة. لكن التوسع في “هياكل التنفيذ” أثار جدلًا واسعًا:

دارين جونز مُنح منصب “سكرتير أول” لرئيس الوزراء.
بات ماكفادين يتابع تنفيذ السياسات في مجلس الوزراء.
كلارا سوينسون تقود وحدة “التسليم”.
مايكل باربر، مؤسس وحدة بلير عام 2001، يقدم المشورة.

ويرى بعض المسؤولين أن هذا التضخم في الهياكل اعتراف ضمني بوجود مشكلة، بينما يراه آخرون محاولة لضخ تنوع في الأفكار حول كيفية دفع عجلة الإصلاح.

وحدة “التسليم”: نجاح أم فشل؟

وحدة “التسليم الإداري” (MDU)، التي تضم نحو 30 موظفًا مدنيًا وتقع في مكتب مجلس الوزراء، تتابع التقدم في “المهام الخمس” التي حددها ستارمر:
تحقيق أعلى معدل نمو في مجموعة السبع، خفض الجرائم العنيفة، تحسين الصحة والتعليم، والوصول إلى شبكة كهرباء خالية من الكربون بحلول 2030 وبناء الثقة في الأداء الحكومي.

لكن الوحدة تعاني من انتقادات لافتة: موقعها البعيد عن رقم 10 جعلها “غير مرئية”، ووصفها بعض المسؤولين السابقين بأنها “قسم حزم الشرائح” الذي لا يقدم سوى تقارير رصد دون قيادة فعلية.

مجالس “المهام”: هياكل عاجزة؟

إلى جانب الوحدة، أنشأ ستارمر “مجالس المهام” برئاسة وزراء حكومته لمناقشة القضايا الكبرى، مثل بناء 1.5 مليون منزل بحلول 2029. لكن هذه المجالس تعاني من ضعف التأثير وغياب القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة، إذ تحولت – بحسب بعض المنتقدين – إلى جلسات استعراض بلا نتائج ملموسة.

ويرى مقربون من رئيس الوزراء أن هذه المجالس تحتاج إما إلى تعزيز فعاليتها أو إلى “إخراجها من بؤسها”.

ورغم الأغلبية الكبيرة التي يتمتع بها ستارمر في مجلس العموم، والتوقعات بعدم خوض انتخابات حتى 2029، يواجه تحديات متنامية:
ضغوط داخلية من نواب حزب العمال القلقين بشأن التخفيضات الاجتماعية والإصلاحات التعليمية.
صعود حزب “إصلاح المملكة المتحدة” بزعامة نايجل فاراج في استطلاعات الرأي.
استمرار أزمة المهاجرين عبر القناة الإنجليزية.
تصاعد الغضب الشعبي من التضخم والضرائب.

خارجيًا، نجح ستارمر في دفع واشنطن نحو مواقف أكثر دعمًا لبريطانيا بشأن الرسوم الجمركية وأوكرانيا وغزة، لكن هذه النجاحات لا تنعكس بالضرورة على الساحة الداخلية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.