في خطوة تهدف إلى تخفيف معاناة الشعوب المتضررة من الحروب وتسريع جهود التعافي في الشرق الأوسط، أعلن البنك الدولي يوم الأربعاء عن تخصيص حزمة تمويل طارئة بقيمة 400 مليون دولار لدعم إعادة الإعمار في كل من لبنان وسوريا. وتشمل الحزمة 250 مليون دولار للبنان و146 مليون دولار لسوريا، تركز بشكل خاص على إعادة بناء البنية التحتية الحيوية وإصلاح شبكة الكهرباء المتضررة.
دعم للبنان بعد الحرب الإسرائيلية
في لبنان، يأتي التمويل في إطار برنامج جديد أطلق عليه اسم “Leap” أو “قفزة”، وهو مبادرة تعافٍ قابلة للتوسع تهدف إلى إصلاح ما دمرته الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، والتي خلّفت أضرارًا جسيمة في البنية التحتية ومناطق سكنية بأكملها، وفاقمت أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخ البلاد.
وقال جان كريستوف كاريت، مدير قسم الشرق الأوسط في البنك الدولي، إن البرنامج صُمّم ليكون إطارًا مرنًا بقيمة مليار دولار، يبدأ بمساهمة أولية من البنك الدولي قدرها 250 مليون دولار، مع إمكانية استيعاب تمويل إضافي من المانحين، سواء على شكل قروض أو منح.
وأضاف كاريت: “يوفر هذا البرنامج آلية موثوقة تسمح بمواءمة دعم الشركاء الدوليين ضمن هيكل موحد تقوده الحكومة اللبنانية، مع التأكيد على الشفافية والمساءلة وتحقيق نتائج ملموسة”.
وسيُركز التمويل على مشاريع استجابة عاجلة تتضمن إزالة الأنقاض بطريقة آمنة ومستدامة، وإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية كشبكات المياه والكهرباء والنقل والصحة والتعليم. وستشرف وزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية على تنفيذ البرنامج بالتنسيق مع الوزارات الأخرى.
سوريا: إعادة تأهيل قطاع الكهرباء
أما في سوريا، فإن المنحة البالغة 146 مليون دولار ستوجه إلى إصلاح شبكة الكهرباء المدمّرة، في إطار أول مشروع للبنك الدولي في البلاد منذ ما يقرب من أربعة عقود. ويأتي هذا الدعم من خلال منصة المؤسسة الدولية للتنمية، بهدف إعادة تأهيل خطوط النقل ومحطات التحويل التي تضررت خلال سنوات الحرب الطويلة.
وقال كاريت: “إصلاح قطاع الكهرباء هو أحد أكثر الاستثمارات إلحاحًا في سوريا، لأنه يساهم في تحسين الظروف المعيشية، ويدعم عودة اللاجئين، ويتيح استئناف الخدمات الأساسية، مثل المياه والرعاية الصحية، ما يعزز فرص التعافي الاقتصادي”.
وأضاف أن هذا المشروع يمثل “الخطوة الأولى” في طريق تقديم دعم أكبر لسوريا، وهو ما أكده وزير المالية السوري يسر برنية، الذي أشار إلى أن التمويل قد يكون بداية لبرنامج دعم شامل لإنعاش الاقتصاد السوري الذي انهار بفعل الحرب.
وكان صندوق النقد الدولي قد اختتم في وقت سابق من هذا الشهر أول بعثة له إلى سوريا منذ عام 2009، مشيرًا إلى حاجة البلاد لـ”مساعدة دولية كبيرة” لإعادة بناء الاقتصاد وتلبية الاحتياجات الإنسانية، مقدرًا تكلفة إعادة الإعمار بما بين 250 و500 مليار دولار.
تمويل موازٍ للعراق
وفي سياق متصل، أعلن البنك الدولي أيضًا عن تمويل بقيمة 930 مليون دولار للعراق، بهدف تحديث شبكة السكك الحديدية وتعزيز التجارة الإقليمية وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط.
ويستهدف المشروع تحديث أكثر من ألف كيلومتر من الخطوط بين ميناء أم قصر والموصل عبر بغداد، إضافة إلى تجديد ورش الصيانة وشراء قاطرات جديدة. ويُتوقع أن ينقل الخط المعاد تأهيله أكثر من 10 ملايين طن من البضائع والمسافرين سنويًا بحلول عام 2037.
جهود إقليمية منسّقة
ويأتي هذا الدعم ضمن جهود أوسع يقودها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتحالف من الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية، اجتمعوا في باريس هذا العام لتنسيق المساعدات الاقتصادية للبلدان المتضررة من الصراعات في الشرق الأوسط، مع التركيز على إعادة بناء المؤسسات العامة وتحفيز النمو المستدام.
في ظل تزايد الاحتياجات الإنسانية ودمار البنية التحتية، يشكّل هذا التمويل بارقة أمل حذرة في مسيرة إعادة الإعمار الطويلة، التي لا تزال بحاجة إلى التزام دولي أكبر واستقرار سياسي حقيقي لخلق تعافٍ دائم في المنطقة.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29386