مؤثرون إماراتيون وإسرائيليون واليمنيون المتطرفون يفتعلون جرائم قتل مسيحيين في السودان

كشف تحقيق استقصائي جديد أجرته مؤسسة إعلامية سودانية أن حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تديرها شخصيات إماراتية وإسرائيلية ومن اليمين المتطرف نسقت حملة رقمية ضخمة تضمنت نشر معلومات مضللة حول استهداف المسيحيين في السودان، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في دارفور.

وذكرت منظمة Beam Reports، وهي منصة استقصائية متخصصة في مكافحة المعلومات المضللة، في تقريرها الأخير أن هذه الحملة الرقمية بدأت فور السيطرة شبه العسكرية لقوات الدعم السريع على الفاشر قبل نحو شهر، حيث نشر المحتوى المضلل “بطريقة متزامنة” بهدف تحويل اللوم عن قوات الدعم السريع وخلق انطباع بأن الفظائع كانت أعمالًا دينية ارتكبها إسلاميون ضد المسيحيين.

وأوضحت المنظمة أن الهدف الأساسي من الحملة كان تضليل الرأي العام الدولي وإعادة صياغة الصراع السوداني باعتباره صراعًا دينيًا، من أجل إثارة التعاطف الأجنبي، وإغراق وسائل الإعلام ومواقع التواصل بمحتوى ملفق يزيف الوقائع.

وذكرت Beam Reports أن القوات المسلحة السودانية، بدعم شعبي واسع رغم تاريخها العسكري الحافل بالانقلابات، وقعت ضحية هذه الحملة الرقمية، بينما ارتكبت قوات الدعم السريع انتهاكات واسعة خلال اقتحام الفاشر، شملت عمليات قتل جماعي وثبوت ذلك عبر صور الأقمار الصناعية والفيديوهات التي توثق الانتهاكات.

وتصدر المحلل الإماراتي أمجد طه، بحسب التقرير، قائمة من اعتُبروا مهندسي الحملة الرقمية، إذ نشر مزاعم حول “إسلاميين سودانيين يذبحون المسيحيين”، تضخمت لاحقًا على حسابات أخرى.

ومن بين الادعاءات الملفقة، زعم طه أن الجيش السوداني “قتل مليوني مسيحي، وهجر 8 ملايين، واغتصب 15 ألف امرأة”، دون تقديم أي دليل موثوق، في حين ربط الجيش السوداني جماعات مثل الإخوان المسلمين وحماس بغرض تضليل الرأي العام.

وشارك مؤثرون آخرون، من بينهم الإسرائيلية نيما ياميني، صورًا من الفاشر زعمت أنها تظهر “مسيحيين يُذبحون في السودان”، في حين نشر السياسي البولندي اليميني المتطرف دومينيك تارشينسكي صورًا لنساء وأطفال مزاعم أنها تعكس “إبادة جماعية للمسيحيين على يد الإسلاميين”.

وأكد التحقيق أن غالبية الصور والفيديوهات تعود فعليًا إلى انتهاكات قوات الدعم السريع نفسها، وليس إلى أي صراع طائفي.

ويشير التقرير إلى أن غالبية سكان السودان مسلمون بنسبة تزيد على 90٪، وأن الحرب الحالية لا تدور على أساس ديني.

ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن كلًا من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية ارتكبوا هجمات على أماكن العبادة، بما في ذلك قصف كنائس ومساجد في الفاشر وود مدني والخرطوم.

وتعود جذور الصراع إلى أبريل/نيسان 2023، حين تصاعدت الخلافات بين الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، على خلفية خطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي، ما أدى إلى حرب شاملة أودت بحياة عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص.

وأضاف التقرير أن الإمارات زادت دعمها لقوات الدعم السريع عبر شبكة من خطوط الإمداد والأسلحة من ليبيا وتشاد وأوغندا والصومال، بما في ذلك الطائرات الصينية المسيرة وأنظمة الأسلحة الأخرى، وفق ما نقلته وكالات استخبارات أمريكية في أكتوبر/تشرين الأول 2025، وهو ما ساعد هذه القوات على ارتكاب المزيد من المجازر في دارفور ومناطق أخرى.

ويؤكد التحقيق أن الحملة الرقمية المنسقة من مؤثرين إماراتيين وإسرائيليين واليمنيين المتطرفين لا تعكس واقع الصراع، وإنما تستغل العنف الموثق الذي ارتكبته قوات الدعم السريع لإعادة صياغة الرواية الإعلامية، وإلقاء اللوم على أطراف مدنية وعسكرية أخرى في السودان، بما في ذلك الجيش النظامي، بهدف خدمة أجندات سياسية وإثارة مشاعر دينية مضللة على المستوى الدولي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.