دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قرار بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، مؤكدًا أن الاعتراف يشكل ركيزة أساسية لأي حل سياسي دائم في الشرق الأوسط، وأن الاعتماد على الحل العسكري وحده لن يؤدي إلى الاستقرار.
وجاءت تصريحات ماكرون خلال مقابلة مع برنامج “واجه الأمة” على شبكة سي بي إس الأمريكية، وسط استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.
وشدد ماكرون على أن الاعتراف الفرنسي بفلسطين يهدف إلى فتح أفق سياسي واضح للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.
وقال: “إذا أردنا السلام والأمن للجميع في المنطقة، فعلينا الحفاظ على منظور سياسي للجميع. إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم هو السبيل الوحيد لإيجاد حل سياسي لمشكلة لا بد من وضع حد لها”.
وبذلك، تكون فرنسا قد سبقت باقي القوى الغربية الكبرى بخطوة جريئة، بعدما انضمت كل من كندا وبريطانيا وأستراليا خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى قائمة الدول التي اعترفت رسميًا بفلسطين. ويبلغ عدد الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية الآن 147 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة.
ردود فعل أمريكية متشددة
قرار باريس لم يلقَ ترحيبًا في واشنطن. فقد وصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الاعتراف الفرنسي بأنه “قرار متهور”، محذرًا من أنه قد يعقّد جهود إنهاء الحرب. أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد واصل التأكيد على أن الأولوية يجب أن تكون لإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، قبل أي خطوة سياسية.
لكن ماكرون قلّل من أهمية الانتقادات الأمريكية، واصفًا إياها بأنها “مبالغ فيها”، مؤكّدًا في الوقت ذاته أن القرار لا يهدف إلى الإضرار بالعلاقات الفرنسية-الأمريكية. وأضاف: “هدفنا هو التواصل مع الإدارة الأمريكية بشأن خطة سلام وأمن شاملة للجميع”.
نقد للنهج الإسرائيلي
في تصريح لافت، رفض ماكرون اختزال الحل في استهداف مقاتلي حماس. وقال: “في بداية هذه الحرب، كان لديكم ما يقارب 25 ألف مقاتل من حماس. قتل الجيش الإسرائيلي نصفهم تقريبًا، لكن حماس نجحت في تجنيد عدد مماثل. النتيجة أن لديكم اليوم نفس العدد من المقاتلين”.
وبحسب الرئيس الفرنسي، فإن هذا يعكس فشل المقاربة العسكرية الإسرائيلية في تحقيق هدف “تدمير حماس”، بل إنه يثبت أن غياب المسار السياسي يُغذي التطرف ويمنح الحركة قدرة متجددة على التجنيد.
وذكر ماكرون أن الخطوة الفرنسية لا تُفهم بمعزل عن خطة أوسع من ثلاث مراحل:
الاعتراف بالدولة الفلسطينية: لتوفير أفق سياسي يعزل حماس عن عموم الشعب الفلسطيني.
وقف إطلاق النار وإطلاق سراح جميع الأسرى: باعتباره مدخلًا ضروريًا لإعادة بناء الثقة.
تحقيق رؤية الدولتين: فلسطين وإسرائيل، كحل وحيد قابل للحياة على المدى الطويل.
وأضاف: “إن الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولة عبر القنوات الدبلوماسية هو مجرد إعطاء قناة أخرى وتقديم طريق سياسي يحدّ من نفوذ حماس”.
وتأتي تصريحات ماكرون في وقت تواجه فيه إسرائيل عزلة متزايدة على المستوى الدولي. فمع توالي اعترافات الدول الغربية بفلسطين، تزداد الضغوط على تل أبيب لتقديم تنازلات سياسية بدل الاعتماد الحصري على العمل العسكري. كما أن تهديدات الحكومة الإسرائيلية بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة أثارت غضبًا أوروبيًا ودوليًا، واعتُبرت خطوة قد تقوض فرص حل الدولتين بالكامل.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29663