نافذة الحل الدبلوماسي للملف النووي الإيراني “تغلق بسرعة كبيرة”

تشهد الأزمة النووية الإيرانية تصاعدًا حادًا في وتيرة التوترات، مع اقتراب المجتمع الدولي من لحظة حاسمة قد تعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران في غضون أسابيع قليلة.

وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاجا كالاس بعد اجتماع مع ممثلي فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، أن نافذة الحل الدبلوماسي “تتلاشى بسرعة كبيرة”، داعية إيران إلى اتخاذ “خطوات موثوقة” لتجنب إعادة فرض العقوبات.

وأوضحت أن هذه الخطوات تعني التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك السماح بتفتيش جميع المواقع النووية “دون تأخير”.

من جانبها، كتبت وزارة الخارجية الألمانية على منصة “إكس” أن إيران لم تقم بعد بالإجراءات المعقولة والدقيقة اللازمة لوقف عملية إعادة فرض العقوبات. هذه التصريحات تكشف حجم الإحباط الأوروبي من مماطلة طهران، خاصة أن الموعد النهائي يقترب بسرعة.

اتفاق سابق لم يُنفذ

إيران كانت قد توصلت سابقًا إلى اتفاق بوساطة مصرية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يقضي بالسماح للمفتشين الدوليين بالدخول إلى جميع المواقع النووية، وتقديم تقرير شامل عن أماكن جميع المواد النووية.

إلا أن موعد تقديم التقرير لا يزال غير واضح، وهو ما يثير شكوكًا حول جدية طهران في تنفيذ التزاماتها.

ولم تصدر إيران تعليقًا رسميًا على المكالمة الأوروبية الأخيرة، لكنها سبق أن أكدت أنها أجرتها، في إشارة إلى إبقاء قنوات التواصل مفتوحة، وإن بقدر محدود.

حرب يونيو وتأثيرها على الملف النووي

تأتي التحذيرات الأوروبية في سياق متوتر منذ أن شنت إسرائيل، بمشاركة الولايات المتحدة، هجومًا عسكريًا استمر 12 يومًا في يونيو الماضي استهدف مواقع نووية إيرانية.

وقد أثارت تلك الغارات أسئلة جدية حول وضع مخزون إيران من اليورانيوم المخصب، الذي يقترب من مستويات الأسلحة النووية.

وقد عمقت هذه الحرب المخاوف الغربية من أن تمتلك إيران قريبًا القدرة على تطوير سلاح نووي، وزادت من الضغوط الدبلوماسية لإيجاد حل سريع.

وكان الاتفاق النووي لعام 2015 نص على آلية “سناب باك”، وهي وسيلة تضمن إعادة فرض العقوبات الدولية تلقائيًا في حال خرق إيران التزاماتها، من دون الحاجة إلى تصويت جديد في مجلس الأمن أو إمكانية استخدام حق النقض (الفيتو).

إذا لم يتحرك مجلس الأمن الدولي قبل نهاية سبتمبر، ستدخل هذه العقوبات حيز التنفيذ. وتشمل:
تجميد الأصول الإيرانية في الخارج.
وقف صفقات الأسلحة مع طهران.
معاقبة أي تطوير لبرنامج الصواريخ الباليستية.

هذه الخطوات ستفاقم الضغوط الاقتصادية على إيران، التي تواجه بالفعل أزمة حادة جراء العقوبات الأميركية وتراجع صادرات النفط.

تداعيات إقليمية ودولية

من شأن تفعيل “سناب باك” أن يضيف مستوى جديدًا من التوتر في منطقة مشتعلة أصلًا بسبب الحرب في غزة. فإسرائيل صعّدت مؤخرًا هجومها البري على مدينة غزة ضد حركة حماس، ما يزيد احتمالات اتساع رقعة النزاع إقليميًا.

ويرى مراقبون أن أي تصعيد إضافي مع إيران سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الخليج، وتهديد طرق الطاقة والتجارة العالمية، فضلًا عن تعميق الهوة بين طهران والغرب.

ومع اقتراب الموعد النهائي في مجلس الأمن، يبدو أن نافذة الدبلوماسية تضيق بسرعة. أوروبا تدعو إيران إلى خطوات عاجلة وشفافة، في حين تواصل طهران سياسة الغموض والتأجيل.

وإذا لم تُبدِ إيران استعدادًا للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن عودة العقوبات الأممية باتت شبه مؤكدة، بما ينذر بمرحلة أكثر تعقيدًا في واحدة من أكثر الأزمات النووية حساسية في العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.