علماء يحذرون: أوروبا بلا خطة صحية لمواجهة تبعات المناخ القاتلة

حذّر علماء وصنّاع سياسات من أن الاتحاد الأوروبي يواجه تهديدًا متسارعًا على الصحة العامة ناجمًا عن تغير المناخ، دون امتلاك خطة شاملة لمواجهته.

فمع انتشار الأمراض المدارية نحو الشمال، وازدياد موجات الحر والفيضانات وحرائق الغابات، تبدو القارة عاجزة عن التصدي لموجة الوفيات المتصاعدة التي تسببها هذه الظواهر.

وقالت كارولين كوستونغس، مديرة منظمة EuroHealthNet، إن تغير المناخ لم يعد قضية بيئية فقط، بل أصبح تهديدًا مباشرًا وعابرًا للحدود للصحة العامة، مطالبة الاتحاد الأوروبي بوضع استراتيجية متكاملة تربط بين سياسات المناخ والصحة، تشمل تحسين السكن والنقل والغذاء، وتخضير الأنظمة الصحية، وتحقيق العدالة المناخية.

وبحسب بيانات المنظمة، يُتوقع أن تتضاعف الوفيات المرتبطة بالحرارة ثلاث مرات بحلول نهاية القرن، بينما تزداد الوفيات الناتجة عن الكوارث الطبيعية كفيضانات وحرائق الغابات، في ظل غياب سياسات صحية وقائية فعالة.

في موازاة ذلك، تتزايد التهديدات من أمراض لم تكن معروفة في أوروبا سابقًا. فبعوض النمر الذي ينقل أمراضًا استوائية مثل حمى الضنك وحمى شيكونغونيا، بات مستوطنًا في عشرات المدن الأوروبية، منها العاصمة البلجيكية بروكسل.

وتُظهر دراسات نشرتها مجلة لانسيت بلانيتاري هيث أن معدل الإصابة بهذه الأمراض قد يزيد خمسة أضعاف بحلول 2060 في حال استمرار السيناريوهات المناخية الكارثية.

وأفاد جواكيم روكلوف، المدير الإقليمي المشارك في برنامج العد التنازلي لتغير المناخ والصحة في لانسيت، أن نحو 60 مليون أوروبي واجهوا انعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2021، وأن 11.9 مليون حالة منها مرتبطة مباشرة بتغير المناخ.

وأضاف أن ارتفاع درجات الحرارة له تأثير قاتل، حيث ارتفعت الوفيات المرتبطة بالحرارة بشكل حاد في العقد الأخير مقارنةً بالعقد الذي سبقه.

ووفقًا لبيانات الاتحاد الأوروبي، شهد عام 2024 ذروة جديدة في عدد الإصابات بحمى الضنك، مع تسجيل 304 حالات في دول الاتحاد، أي ما يفوق عدد الحالات المجمعة في السنوات الخمس عشرة السابقة.

في المقابل، لا تزال جهود تطوير اللقاحات بطيئة؛ إذ أوقفت السلطات استخدام لقاح شيكونغونيا الذي تنتجه شركة “فالنيفا” الفرنسية لمن تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، وسط تحقيقات أوروبية في 17 حالة مضاعفات خطيرة، منها حالتا وفاة.

وأكد ديرك رامايكرز، رئيس مجلس إدارة هيئة الصحة العامة البلجيكية، أن المؤسسات الأوروبية تملك خططًا ولجانًا متفرقة تتعامل مع قضايا المناخ والصحة، لكنها تفتقر إلى الإرادة السياسية والربط المنهجي، مشددًا على أن “ما نواجهه يتطلب تغييرًا جذريًا في البنية الاجتماعية والاقتصادية، لا مجرد تعديلات شكلية”.

وعلى الصعيد الدولي، عقدت منظمة الصحة العالمية اجتماعًا للجنة الخبراء في أيسلندا، لبحث طرق تقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمناخ.

وقالت كاترين جاكوبسدوتير، رئيسة الوزراء الأيسلندية السابقة ورئيسة اللجنة، إن الهدف هو تقديم توصيات عملية للحكومات الأوروبية قبيل اجتماع منظمة الصحة العالمية في مايو/أيار 2026، مؤكدة أن “صحة الكوكب لا تنفصل عن صحة شعوبه”.

ورغم تمويل الاتحاد الأوروبي لأبحاث علمية حول آثار التغير المناخي على الصحة، شدد الخبراء على أن هذه الجهود تفتقر إلى آليات تنفيذ واقعية على الأرض.

ودعت EuroHealthNet إلى إدراج أولويات المناخ والصحة في جميع سياسات الاتحاد، بما فيها استراتيجية الإسكان وخطط مكافحة الفقر، لتجنب الانهيار الصحي المرتبط بأزمة مناخية تشتد حدتها كل عام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.