تحول حزب العمال نحو الدفاع: من مركزية المساعدة إلى ضخ مليارات في الإنفاق العسكري تحت قيادة رئيس الوزراء كير ستارمر، تشهد سياسة حزب العمال الخارجية تحولاً جوهرياً: من حزب يعتنق دور بريطانيا كقوة رائدة في المساعدات والتنمية إلى حزب يضع الأمن والدفاع في صلب أولوياته الاقتصادية والسياسية. وبدا هذا التحول واضحًا في أروقة مؤتمر الحزب السنوي في ليفربول، حيث تقلّص حضور منظمات الإغاثة وتتزايد هيمنة شركات صناعة الدفاع وجماعات الضغط. والمشهد الجديد ترك أثراً عمليّاً: قررت حكومة ستارمر خفض نسبة الإنفاق على المساعدات من 0.5% إلى 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي لصالح تعزيز ميزانية الدفاع، مع تعهد بزيادة إنفاق القطاع إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035. خطوة صدمت منظمات الإغاثة التي كانت تشكل جزءًا لا يتجزأ من فعاليات المؤتمر على مدى عقود، وأدت إلى انسحاب أو تقليص مشاركة العديد منها بدعوى أن الأولويات تغيرت وأن الموارد أصبحت محدودة. يوضح بول أبرنيثي من شبكة بوند أن «الكثير من المؤسسات الخيرية اختارت تقليص حضورها أو الانسحاب كليًا»، مشيرًا إلى أن التكاليف والرسائل السياسية الجديدة دفعت إلى هذا القرار. وقالت فلورا ألكسندر من اللجنة الدولية للإنقاذ إن «مكانة ونفوذ بريطانيا تضرّرا» عندما تُعلن السحب من الالتزامات المالية التي كانت تمنح لندن تأثيرًا دبلوماسيًا كبيرًا. في المقابل، استقبل ممثلو صناعة الدفاع التحوّل بترحاب عملي. رأى أندرو كينيبورغ من هيئة الشركات المصنعة أن «الرسالة الحكومية واضحة: الدفاع في قلب ما تفعلونه الآن»، فيما اعتبر مسؤولو شركات أن الفرصة متاحة لتوسيع الصادرات وخلق آفاق عمل جديدة. حتى شخصيات في «اليسار الناعم» داخل الحزب أصبحت تؤيد سياسات تقوية القطاع. مثال ملفت أن النائب ديفيد لامي، الذي كان معروفًا بتوجهات أكثر تشددًا في القضايا الخارجية، بات من أكبر داعمي صادرات الدفاع، وفق ما عبّر عنه متحدثون في الفعاليات الجانبية. الدافع الرسمي واضح: في ظل حرب في أوروبا وصعود منافسين جيوسياسيين وتراجع دور الولايات المتحدة كفاعل دائم في قيادات معينة، يرى حزب العمال أن تعزيز القدرات الدفاعية يضمن الأمن الوطني ويخلق وظائف عالية المهارة. لكن النقاد يحذّرون من تكلفة بدائل السياسة: «هناك إجماع جديد بين حزب العمال والمحافظين وحزب الإصلاح على أن بريطانيا يجب أن تتراجع عن قيادة مكافحة الفقر عالمياً»، كما يقول كيفن واتكينز من كلية لندن للاقتصاد، محذّراً من تآكل النفوذ البعيد الأمد للمملكة المتحدة. والجدل يستدعي أسئلة عملية وأخلاقية: هل يمكن للموازنة الجديدة أن توازن بين الأمن والالتزامات الأخلاقية الدولية؟ وكيف ستؤثر سياسة تقليص المساعدات على سمعة بريطانيا ودورها الناعم في الساحة العالمية؟ كما تبرز مخاوف من أن تحول الموارد إلى الدفاع قد يترك ثغرات إنسانية في دول شديدة الاحتياج وتقلّص قدرة المملكة المتحدة على التأثير عبر التنمية. في نهاية المطاف، يحوّل ستارمر حزب العمال ووجهة البلاد: اقتصادياً نحو صناعات الدفاع، وسياسياً نحو خطاب أمني أكثر حزماً. السؤال المتبقي هو إن كان هذا التحوّل سيؤمّن وظائف ونموًا كما يعد، أم أنه سيكلف بريطانيا نفوذها الأخلاقي ودورها التقليدي كقائدٍ في التنمية الدولية — ثمن قد لا يُعوّضه الربح الاقتصادي وحده.
تحت قيادة رئيس الوزراء كير ستارمر، تشهد سياسة حزب العمال الخارجية تحولاً جوهرياً: من حزب يعتنق دور بريطانيا كقوة رائدة في المساعدات والتنمية إلى حزب يضع الأمن والدفاع في صلب أولوياته الاقتصادية والسياسية.
وبدا هذا التحول واضحًا في أروقة مؤتمر الحزب السنوي في ليفربول، حيث تقلّص حضور منظمات الإغاثة وتتزايد هيمنة شركات صناعة الدفاع وجماعات الضغط.
والمشهد الجديد ترك أثراً عمليّاً: قررت حكومة ستارمر خفض نسبة الإنفاق على المساعدات من 0.5% إلى 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي لصالح تعزيز ميزانية الدفاع، مع تعهد بزيادة إنفاق القطاع إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035.
خطوة صدمت منظمات الإغاثة التي كانت تشكل جزءًا لا يتجزأ من فعاليات المؤتمر على مدى عقود، وأدت إلى انسحاب أو تقليص مشاركة العديد منها بدعوى أن الأولويات تغيرت وأن الموارد أصبحت محدودة.
يوضح بول أبرنيثي من شبكة بوند أن «الكثير من المؤسسات الخيرية اختارت تقليص حضورها أو الانسحاب كليًا»، مشيرًا إلى أن التكاليف والرسائل السياسية الجديدة دفعت إلى هذا القرار.
وقالت فلورا ألكسندر من اللجنة الدولية للإنقاذ إن «مكانة ونفوذ بريطانيا تضرّرا» عندما تُعلن السحب من الالتزامات المالية التي كانت تمنح لندن تأثيرًا دبلوماسيًا كبيرًا.
في المقابل، استقبل ممثلو صناعة الدفاع التحوّل بترحاب عملي. رأى أندرو كينيبورغ من هيئة الشركات المصنعة أن «الرسالة الحكومية واضحة: الدفاع في قلب ما تفعلونه الآن»، فيما اعتبر مسؤولو شركات أن الفرصة متاحة لتوسيع الصادرات وخلق آفاق عمل جديدة.
حتى شخصيات في «اليسار الناعم» داخل الحزب أصبحت تؤيد سياسات تقوية القطاع. مثال ملفت أن النائب ديفيد لامي، الذي كان معروفًا بتوجهات أكثر تشددًا في القضايا الخارجية، بات من أكبر داعمي صادرات الدفاع، وفق ما عبّر عنه متحدثون في الفعاليات الجانبية.
الدافع الرسمي واضح: في ظل حرب في أوروبا وصعود منافسين جيوسياسيين وتراجع دور الولايات المتحدة كفاعل دائم في قيادات معينة، يرى حزب العمال أن تعزيز القدرات الدفاعية يضمن الأمن الوطني ويخلق وظائف عالية المهارة.
لكن النقاد يحذّرون من تكلفة بدائل السياسة: «هناك إجماع جديد بين حزب العمال والمحافظين وحزب الإصلاح على أن بريطانيا يجب أن تتراجع عن قيادة مكافحة الفقر عالمياً»، كما يقول كيفن واتكينز من كلية لندن للاقتصاد، محذّراً من تآكل النفوذ البعيد الأمد للمملكة المتحدة.
والجدل يستدعي أسئلة عملية وأخلاقية: هل يمكن للموازنة الجديدة أن توازن بين الأمن والالتزامات الأخلاقية الدولية؟ وكيف ستؤثر سياسة تقليص المساعدات على سمعة بريطانيا ودورها الناعم في الساحة العالمية؟ كما تبرز مخاوف من أن تحول الموارد إلى الدفاع قد يترك ثغرات إنسانية في دول شديدة الاحتياج وتقلّص قدرة المملكة المتحدة على التأثير عبر التنمية.
في نهاية المطاف، يحوّل ستارمر حزب العمال ووجهة البلاد: اقتصادياً نحو صناعات الدفاع، وسياسياً نحو خطاب أمني أكثر حزماً. السؤال المتبقي هو إن كان هذا التحوّل سيؤمّن وظائف ونموًا كما يعد، أم أنه سيكلف بريطانيا نفوذها الأخلاقي ودورها التقليدي كقائدٍ في التنمية الدولية — ثمن قد لا يُعوّضه الربح الاقتصادي وحده.
الرابط المختصر https://arabiceuro.net/?p=29681