ليكورنو: خطر الانتخابات المبكرة “يتراجع” مع تقدّم محادثات الميزانية

قال رئيس الوزراء الفرنسي المنتهية ولايته سِباستيان ليكورنو إن احتمالات حلّ الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة “ابتعدت”، بعدما لمس خلال يومين من المشاورات توافقاً عريضاً على تمرير ميزانية قبل 31 ديسمبر.

ويعرض ليكورنو مساء اليوم على الرئيس إيمانويل ماكرون خلاصته حول إمكان الوصول إلى اتفاق، وسط أزمة سياسية غير مسبوقة منذ عقود.

وأضاف ليكورنو أن الاتصالات مع قوى اليمين والوسط أظهرت استعداداً للعمل على هدف عجز بين 4.7% و5% بدلاً من 5.4% المطروح سابقاً، على أن تُستكمل المساومات اليوم مع الاشتراكيين والخضر على تفاصيل “المقابل السياسي” لدعم الميزانية.

ويرى مراقبون أن تثبيت هذا النطاق قد يكون المخرج لتفادي حلّ البرلمان، فيما تترقب المؤسسات الأوروبية مسار الانضباط المالي الفرنسي.

وتوازياً مع سعي الحكومة المؤقتة لوقف التدهور السياسي والمالي، فتحت إليزابيث بورن—رئيسة الوزراء السابقة التي قادت تمرير إصلاح المعاشات عام 2023—باب تعليق مؤقت للإصلاح لتهدئة الأجواء وكسب أصوات من اليسار، في خطوة تعارضها وزارة المالية محذّرةً من كلفة بمئات الملايين في 2026 ومليارات في 2027.

على خطّ الرئاسة، يواجه ماكرون ضغوطاً غير مسبوقة من خصومه وبعض حلفائه السابقين؛ إذ دعا إدوار فيليب إلى تنحّي الرئيس بعد إقرار الميزانية، فيما وجّه غابرييل أتال انتقادات حادّة لطريقة إدارة الأزمة.

وبرغم لقاءات ماكرون برئيسي مجلسي البرلمان، شددت رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون-بيفيه على أنه لم يناقش معها سيناريو الحلّ، ما أبقى الغموض قائماً حول خطوة الإليزيه التالية إذا تعثّرت وساطة ليكورنو.

لماذا يهمّ “رقم” العجز؟

سقف العجز بات عقدة العقد: خفضه إلى 4.7–5% يُرضي يمين الوسط والأسواق إلى حدّ ما، ويمنح الاشتراكيين والخضر مكاسب تفاوضية مقابل تمرير الميزانية (من بنود اجتماعية إلى ضرائب انتقائية).

أمّا الفشل، فيعيد فرنسا إلى مربع الفراغ المالي واحتمال اللجوء إلى تشريعات طارئة مطلع 2026، مع خطر انتخابات مبكرة لا تَعِد—بحسب الاستطلاعات—إلا ببرلمانٍ منقسم جديد.

واليوم مساءً يضع ليكورنو استنتاجاته على مكتب ماكرون: إما مسودة طريقٍ لعبور الميزانية، أو توصية سياسية تُعيد كرة الحلّ إلى الإليزيه.

ملف المعاشات: اختبار لمرونة الأغلبية السابقة؛ تعليقٌ جزئي قد يفتح باب صفقةٍ مع اليسار، لكنه يفاقم كلفة الضبط المالي.

خطاب رئاسي محتمل: في حال فشل التسوية، يبقى حلّ البرلمان على الطاولة—even إن نفته بيفيه كموضوعٍ للنقاش خلال لقائها الرئيس.

,برغم لهجة التفاؤل الحذر التي تبنّاها ليكورنو صباح اليوم، تُظهر الانقسامات داخل معسكر ماكرون، إلى جانب ضغط اليمين المتطرف واليسار، أن أي اتفاقٍ للميزانية لن يكون سوى هدنةٍ سياسية مؤقتة ما لم تُحسَم القضايا البنيوية: مسار العجز والدَّين، ومصير إصلاح المعاشات، وحدود اللجوء إلى آليات استثنائية لتمرير القوانين في برلمانٍ بلا أكثرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.