الأسبوع الذي ضربت فيه الذكاء الاصطناعي المزيف الانتخابات الأوروبية

أظهرت الانتخابات الأخيرة في هولندا وأيرلندا أن الناخبين الأوروبيين أصبحوا مضطرين للقلق بشأن صحة المحتوى السياسي الذي يستهلكونه، بعد أن لعب الذكاء الاصطناعي دورًا واضحًا في التأثير على نتائج الحملات الانتخابية.

في هولندا، كشف باحثون من جامعتي أمستردام وماينز أن أكثر من 400 منشور من بين نحو 20 ألف منشور متعلق بالانتخابات تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وقد تصدّر حزب الحرية اليميني المتطرف، بزعامة خيرت فيلدرز، استخدام هذه التكنولوجيا، حيث أطلق حملة بفيديو مولّد يظهر هولندا المستقبلية تحت سيطرة الشريعة الإسلامية، تم إنتاجه عبر مولّد الفيديو “سورا” من شركة “أوبن إيه آي”.

كما تبين أن اثنين من أعضاء البرلمان من حزب الحرية كانوا وراء صفحة على فيسبوك تنشر صورًا مزيفة تحرض ضد منافسهم اليساري فرانس تيمرمانز، مما دفع فيلدرز إلى تقديم اعتذار نادر بعد كشف الأمر.

أما في أيرلندا، فقد تضررت حملة المرشحة كاثرين كونولي، حيث انتشر فيديو مزيف يظهرها وهي تعلن انسحابها من السباق، بمشاركة نسخ مزيفة من مقدمي البرامج التلفزيونية.

ورغم حذف الفيديو لاحقًا من قبل ميتا ويوتيوب، فقد شكّل هذا المحتوى المزيف محاولة واضحة لتضليل الناخبين وتقويض الديمقراطية، وفقًا لكونولي.

ولا يقتصر التأثير على الفيديو والنصوص، إذ تحذر الدراسات من دور روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي قد تقدم نصائح غير دقيقة حول المرشحين.

فقد أظهرت التجارب أن هذه الروبوتات تميل إلى توجيه الناخبين على اليسار نحو أحزاب معينة، والناخبين على اليمين نحو حزب الحرية، ما يخلق انحيازًا ضمنيًا ويزيد من مخاطر التضليل، خصوصًا للأشخاص ذوي الإلمام المحدود بالسياسة.

وتضع هذه التطورات المؤسسات الأوروبية أمام تحديات جديدة للحفاظ على نزاهة الانتخابات. ويضع قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي بعض المسؤولية على المنصات الرقمية لمعالجة المعلومات المضللة.

فيما تسعى بروكسل لإعداد مسودة إرشادات للذكاء الاصطناعي عالي المخاطر الذي قد يؤثر على حقوق الأفراد ونتائج الانتخابات، على أن تدخل حيز التنفيذ في أغسطس 2026.

كما تحاول المفوضية الأوروبية تعزيز جهود التنسيق بين الدول الأعضاء لضمان نزاهة الحملات الانتخابية ومنع التدخل الأجنبي أو التلاعب بالناخبين.

ومع ذلك، تظل معظم المبادرات الأوروبية غير ملزمة قانونيًا حتى الآن، ما يترك فجوة بين تطور التكنولوجيا وقدرة النظام القانوني على ضبطها.

وتؤكد الدراسات أن تطبيع استخدام الذكاء الاصطناعي في الحملات السياسية يثير القلق، إذ يمكن أن يُستغل في تشويه سمعة المرشحين أو تصوير أحداث خيالية للتأثير على القرارات الانتخابية.

ومع استمرار الاعتماد على منصات أمريكية مثل ميتا وجوجل لتوزيع هذا المحتوى، يراقب الاتحاد الأوروبي عن كثب كيفية تعامل هذه الشركات مع مخاطر الذكاء الاصطناعي والتضليل السياسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.